للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خالفوا هذين الخبرين في نص ما فيهما، وقالوا: من تكلم في صلاته ساهيا؛ أو مشى ساهيا بطلت صلاته (١)، وعللوا الخبرين الثابتين بالكذب البحت، وادعوا أن أبا هريرة وعمران لم يشهدا ما رويا،


= الخرباق - بكسر المعجمة، وسكون الراء بعدها موحدة وآخره قاف - اعتمادا على ما وقع في حديث عمران بن حصين عند مسلم ولفظه: "فقام إليه رجل يقال له الخرباق، وكان في يده طول"؛ وهذا صنيع من يوحد حديث أبي هريرة بحديث عمران وهو الراجح في نظري، وإن كان ابن خزيمة ومن تبعه جنحوا إلى التعدد، والحامل لهم على ذلك الاختلاف الواقع في السياقين، ففي حديث أبي هريرة أن السلام وقع من اثنتين، وأنه - صلى الله عليه وسلم - قام إلى خشبة في المسجد، وفي حديث عمران أنه سلم من ثلاث ركعات، وأنه دخل منزله لما فرغ من الصلاة، فأما الأول فقد حكى العلائي أن بعض شيوخه حمله على أن المراد به أنه سلم في ابتداء الركعة الثالثة واستبعده، ولكن طريق الجمع يكتفى فيها بأدنى مناسبة وليس بأبعد من دعوى تعدد القصة، فإنه يلزم منه كون ذي اليدين في كل مرة استفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، واستفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - الصحابة عن صحة قوله، وأما الثاني، فلعل الراوي لما رآه تقدم من مكانه إلى جهة الخشبة ظن أنه دخل منزله لكون الخشبة كانت في جهة منزله، فإن كان كذلك، وإلا فرواية أبي هريرة أرجح لموافقة ابن عمر له على سياقه ... ولموافقة ذي اليدين نفسه له على سياقه ... وقد تقدم في باب تشبيك الأصابع ما يدل على أن محمد بن سيرين راوي الحديث عن أبي هريرة كان يرى التوحيد بينهما ... ".
واحتجاج الحنفية بحديث ذي اليدين في عدم بطلان صلاة من سلم في الصلاة سهوا وارد في: تبيين الحقائق (١/ ١٩٩)، وانظر أيضا: المحلى (٤/ ٣).
(١) قال مالك والشافعي من تكلم في صلاته ناسيا لا تبطل صلاته، وقال النخعي وقتادة وحماد بن أبي سليمان وأصحاب الرأي: تفسد صلاته، وانظر تفاصيل الأدلة والرد عليها في: المبسوط (١/ ١٧٠) والمغني (٢/ ٣٥) وتبيين الحقائق (١/ ١٥٤) والفتاوى الهندية (١/ ٩٨) وحلية العلماء (٢/ ١٥٢).