للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (١)، فقالوا هذا للأحرار والعبيد، إلا أن العبد والحر من زَوْجَتَيْهِمَا المملوكتين لا يؤجل لهما إلا شهرين، وهذا فِيمَنْ طالبته امرأته لا من لم تطالبه (٢)، فمرة حملوا الأمر على عمومه في لزوم الإيلاء، ومرة خصوا كل مولي لم تطالبه امرأته، ومرة خصوا الأجل في بعض المولين دون بعض، كل ذلك بلا دليل أصلا، لا من نص ولا قول صاحب، ولا قياس مطرد، ثم زادوا بآرائهم وتقليدهم، على الآية ما ليس فيها ولا تحتمله (٣)، فقالوا: مضي الأربعة الأشهر، أو الشهرين طلاق لا عزيمة فيه للمولي أصلا (٤).

وقال تعالى (٥): {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (٦)،


(١) سورة البقرة، الآيتان ٢٢٦، ٢٢٧.
(٢) قال الأحناف مدة الإيلاء من الأَمَة شهران، لأنها مدة ضربت أجلا للبينونة، فَتَتنَصَّف في الرق كَمُدَّة العدة، وانظر: تحفة الفقهاء (١/ ٢٠٤) والهداية (٢/ ٢٩٢) واللباب في شرح الكتاب (٣/ ٦٢) والمحلى (١٠/ ٤٩).
(٣) في ش: تحتمله.
(٤) ورد التصريح بهذا القول بوضوح في قول الجصاص عند تفسير الآية التي صدر بها المؤلف نقده قال: وَذَهَبَ أصحابنا إلى قول ابن عباس ومن تابعه، نقالوا: إذا مضت أربعة أشهر قبل أن يفيء بانت بتطليقة وهو قول الثوري والحسن بن صالح. وانظر: أحكام القرآن (١/ ٣٦٠) ومختصر الطحاوي (ص ٢٠٧) والهداية (٢/ ٢٩٠) وبدائع الصنائع (٣/ ١٧٦) والمحلى (١٠/ ٤٦).
(٥) في ش: وقال الله عزَّ وجلَّ.
(٦) سورة البقرة، الآية ٢٢٨.