قطب وأنه موافق لرأيه واتجاهه في التهوين من شأن ربا الفضل، وسأذكر من كلام قطب ما فيه كفاية في الرد على الفتان -إن شاء الله تعالى-.
قال في الكلام على آيات الربا من سورة البقرة:"إن الربا الذي كان معروفًا في الجاهلية والذي نزلت هذه الآيات وغيرها لإبطاله ابتداء كانت له صورتان رئيسيتان: ربا النسيئة وربا الفضل، فأما ربا النسيئة فقد قال عنه قتادة: "إن ربا أهل الجاهلية يبيع الرجل البيع إلى أجل مسمى فإذا حل الأجل ولم يكن عند صاحبه قضاء زاده وأخر عنه ... " ثم ذكر عن مجاهد نحو ذلك، وذكر أيضا عن الجصاص والرازي نحو ذلك بمعناه ثم قال:-
أما ربا الفضل فهو أن يبيع الرجل بالشيء من نوعه مع زيادة كبيع الذهب بالذهب والدراهم بالدراهم والقمح بالقمح والشعير بالشعير وهكذا، وقد ألحق هذا النوع بالربا لما فيه من شَبَه به ... ثم ذكر حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء» وذكر أيضا حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: جاء بلال إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بتمر برني فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أين هذا» قال: كان عندنا تمر رديء فبعت منه صاعين بصاع فقال: «أوه عين الربا عين الربا لا تفعل ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتر به».
فأما النوع الأول فالربا ظاهر فيه لا يحتاج إلى بيان، وأما النوع الثاني فما لا شك فيه أن هناك فروقا أساسية في الشيئين المتماثلين هي التي تقتضي الزيادة وذلك واضح في حادثة بلال حين أعطى صاعين من تمره الرديء وأخذ صاعا من التمر الجيد، وقد وصفه - صلى الله عليه وسلم - بالربا ونهى عنه وأمر ببيع الصنف المراد استبداله بالنقد ثم شراء الصنف المطلوب بالنقد أيضا، إبعادا لشبح الربا من العملية تمامًا، وكذلك شرط القبض «يدا بيد» كي لا يكون التأجيل في بيع المثل بالمثل ولو من غير زيادة في شبح من الربا وعنصر من عناصره.
إلى هذا الحد بلغت حساسية الرسول - صلى الله عليه وسلم - بشبح الربا في أية عملية وبلغت كذلك حكمته في عقلية الربا التي كانت سائدة في الجاهلية.
فأما اليوم فيريد بعض المهزومين أمام التصورات الرأسمالية الغربية والنظم ............