للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أراد الله به غير ذلك خلَّى بينه وبين الشيطان فأضلَّه وأغواه وزين له استحلال الربا وغير ذلك من الأعمال السيئة، وقد قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالاً طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}، وقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}، وقال -تعالى-: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}، والآيات في التحذير من الشيطان كثيرة جدا، وخطوات الشيطان هي مسالكه ومذاهبه وطرقه التي يدعو إليها، وأشدها خطرا السبع الموبقات، ومنها أكل الربا كما تقدم النص على ذلك في حديث أبي هريرة المتفق على صحته.

وإذا علم ما تقدم ذكره من الأحاديث المتواترة في تحريم الربا والوعيد الشديد للمرابين فليعلم أيضا أن الله -تبارك وتعالى- قد أمر المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ونهاهم عن معصيته ومعصية رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وحذرهم من مخالفة أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتوعد من شاق الرسول - صلى الله عليه وسلم - واتبع غير سبيل المؤمنين بأشد الوعيد. قال الله -تعالى-: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، وقال -تعالى-: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِينًا}، وقال -تعالى-: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}، وقال -تعالى-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، قال الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-: "أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك، ثم جعل يتلو هذه الآية: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} " والآيات في الأمر بطاعة الله -تعالى- وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - والتحذير من معصيته ومعصية رسوله - صلى الله عليه وسلم - كثيرة جدا، فليتأمل المؤمن الناصح لنفسه ما جاء في هذه الآيات المحكمات وما جاء في الأحاديث المذكورة قريبا مما هو ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تحريم الربا والتشديد فيه، وليقابل كلام الله -تعالى- وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالرضى والقبول والتسليم، وليحذر أشد الحذر من التخلق بأخلاق المنافقين الذين قال الله -تعالى- فيهم: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ

صُدُودًا}، وليحذر أيضا من الاتصاف بصفات الألِدَّاء المعاندين وهم الذين قال الله فيهم: {وَمِنَ

<<  <   >  >>