النسفي:"الربا هو فضل مال خال عن العوض في معارضة مال بمال"، وقال ابن عطية:"الربا هو الزيادة وهو مأخوذ من ربا يربو إذا نما وزاد على ما كان .... قال: ومن الربا البين التفاضل في النوع الواحد؛ لأنها زيادة، وكذلك أكثر البيوع الممنوعة إنما تجد منعها لمعنى زيادة إما في عين المال وإما في منفعة لأحدهما من تأخير ونحوه".انتهى.
وذكر ابن منظور في (لسان العرب) عن أبي إسحاق - يعني الزجاج - أنه قال:"الربا الحرام كل قرض يؤخذ به أكثر منه أو تجر به منفعة". انتهى، وقال أبو بكر الجصاص في (أحكام القرآن): "الربا الذي كانت العرب تعرفه وتفعله إنما كان قرض الدراهم والدنانير إلى أجل بزيادة على مقدار ما استقرض على ما يتراضون به ولم يكونوا يعرفون البيع بالنقد إذا كان متفاضلا من جنس واحد، هذا كان المتعارف المشهور بينهم". انتهى.
ومن تأمل ما ذكره المفسرون وأهل اللغة في معنى الربا رآه مطابقًا للمعاملات الربوية في البنوك، ولا سيما قول أبي إسحاق الزجاج وأبي بكر الجصاص، ومن توقف في هذا فإنه لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون جاهلا لا علم له بالأحكام، وإما أن يكون معاندًا قد أعماه اتباع الهوى وأصمه فهو يخبط خبط عشواء فيما رضي به أهل البنوك ومن يتعامل معهم بالمعاملات الربوية ولا يبالي بما يترتب على ذلك من سخط الله ومحاربته ومحاربة رسوله واتباع غير سبيل المؤمنين.
الرابعة: تعذيب المرابين، حين يبعثون من قبورهم بالجنون أو بما يشبه الجنون، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: «آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا يخنق» رواه ابن أبي حاتم، وذكره ابن كثير في تفسيره، ثم قال:"وروي عن عوف بن مالك وسعيد بن جبير والسدي والربيع بن أنس وقتادة ومقاتل بن حيان نحو ذلك"، وقال ابن عطية في تفسير:"قال ابن عباس -رضي الله عنهما- ومجاهد وابن جبير وقتادة والربيع والضحاك والسدي وابن زيد: معنى قوله (ولا يقومون) من قبورهم في البعث يوم القيامة، قال بعضهم: يجعل معه شيطان يخنقه، وقالوا كلهم: يبعث كالمجنون عقوبة له وتمقيتا عند جمع المحشر". انتهى، وقال ابن جزي في تفسيره:"أجمع المفسرون أن المعنى لا يقومون من قبورهم في البعث إلا كالمجنون". انتهى، قال الماوردي:"فيكون ذلك في القيامة علامة لآكل الربا في الدنيا". انتهى، وقال النسفي: "المعنى أنهم يقومون يوم القيامة مخبلين كالمصروعين، تلك سيماهم يعرفون بها عند أهل الموقف، وقيل: الذين