للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل

ومن شبه الفتان التي لفقها للتحيل على تحليل الربا في المصارف قوله: "إن الدائنين في المعاملات المصرفية هم صغار المالكين ولم يستغلوا المدينين الذين هم من كبار المالكين وقد تبادلوا المنافع معهم بصورة تجارية وعقد رضائي من غير أن يكون هناك ظالم أو مظلوم، وهذا ما يميز أعمال المصارف عن الربا المحرم في القرآن الذي هو مجرد تنمية لمال الدائن وحده في أموال المدينين، بينما الأمر يختلف بالنسبة للمدين في المعاملات المصرفية حيث أن كلا من الدائن والمدين مشترك في منفعة بعقد رضائي لا ظلم فيه ولا استغلال".

والجواب عن من وجهين؛ أحدهما: أن يقال: كل ما لفقه الفتان من الشبه على تحليل الربا في المصارف مما ذكره في هذه الجملة وفيما تقدم قبلها وما ذكره بعدها فكله مردود بنصوص القرآن والسنة وبإجماع المسلمين على تحريم الربا تحريمًا مطلقًا يشمل جميع أنواع الربا، وكثير من الشبه التي ذكرها الفتان في هذه الجملة وفيما بعدها قد كرر ذكرها في مواضع كثيرة مما تقدم، وخصوصًا محاولته حصر الربا المحرم فيما كان يعمل به في الجاهلية، وهو في هذا قد قلد رشيد رضا في زعمه أن الربا المحرم في القرآن هو ما كان معروفًا في الجاهلية، وقد ذكرت في مواضع كثيرة مما تقدم أن هذا قول باطل بنصوص القرآن والسنة وبإجماع المسلمين على تحريم الربا تحريمًا مطلقًا يشمل جميع أنواع الربا، وكثير من الشبه التي ذكرها الفتان في هذه الجملة وفيما بعدها قد كرر ذكرها في مواضع كثيرة مما تقدم، وخصوصًا محاولته حصر الربا المحرم فيما كان يعمل به في الجاهلية، وهو في هذا قد قلد رشيد رضا في زعمه أن الربا المحرم في القرآن هو ما كان معروفًا في الجاهلية، وقد ذكرت في مواضع كثيرة مما تقدم أن هذا قول باطل بنصوص القرآن والسنة والإجماع على تحريم الربا تحريمًا مطلقًا يشمل جميع أنواعه.

الوجه الثاني: أن يقال: ليس في شبه الفتان ما يميز أعمال المصارف عن الربا المحرم في القرآن؛ لأن نصوص القرآن قد جاءت على وجه العموم الذي يشمل ربا الفضل وربا النسيئة ما كان منه على طريقة أهل الجاهلية وما كان على غير طريقتهم، وقد تقدم (١) قول الجصاص: "إن قول الله -تعالى-: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} قد انتظم جميع ضروب الربا لشمول الاسم عيها من طريق الشرع"، وقال أيضا: "اسم الربا في الشرع يعتريه معانٍ، أحدها: الربا الذي عليه أهل الجاهلية، والثاني: التفاضل في الجنس الواحد من المكيل أو الموزون، والثالث: النسأ". انتهى.

وتقدم (٢) أيضا قول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "إن لفظ الربا يتناول


(١) ص٩٧.
(٢) ص١٣٦.

<<  <   >  >>