الأولى: تعظيم أكل الربا والوعيد عليه في الدنيا والآخرة، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى.
الثانية: أن المراد بأكل الربا أخذه والانتفاع به على أي وجه كان، وبهذا قال كثير من المفسرين، قال ابن جرير:"فإن قال لنا قائل: أفرأيت من عمل ما نهى الله عنه من الربا في تجارته ولم يأكله أيستحق هذا الوعيد من الله؟ قيل: نعم، وليس المقصود من الربا في هذه الآية الأكل، إلا أن الذين نزلت فيهم هذه الآيات يوم نزلت كانت طعمتهم ومأكلهم من الربا فذكرهم بصفتهم معظما بذلك عليهم أمر الربا ومقبحا إليهم الحال التي كانوا عليها في مطاعمهم ... ثم ذكر أن التحريم من الله في ذلك كان لكل معاني الربا وأنه سواء العمل به وأكله وأخذه وإعطاؤه". انتهى، وقال الماوردي في تفسيره:"قوله - عز وجل-: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا}؛ أي الذين يعاملون به، وإنما خص الأكل لأنه معظم المقصود من المال". انتهى، وبنحو هذا قال ابن الجوزي في تفسيره، وقال ابن عطية في تفسيره:"معنى الآية يكسبون الربا ويفعلونه، وقصد إلى لفظة الأكل لأنها أقوى مقاصد الإنسان في المال، ولأنها دالة على الجشع، فأقيم هذا البعض من توابع الكسب مقام الكسب كله، فاللباس والسكنى والادخار والإنفاق على العيال وغير ذلك داخل كله في قوله:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا} ". انتهى، وقال ابن جزي في تفسير:" {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا} أي ينتفعون به، وعبر عن ذلك بالأكل لأنه أغلب المنافع، وسواء من أعطاه أو من أخذه". انتهى.
الثالثة: أن المراد بالربا الزيادة على رأس المال؛ لقول الله -تعالى-: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ}، ومعنى الربا في اللغة الزيادة في الشيء، قال الجوهري:"ربا الشيء يربو ربوا أي زاد"، وكذا قال غيره من أهل اللغة، وقال الفيومي في (المصباح المنير): "الربا الفضل والزيادة"، وقد ذكر المفسرون في معنى الربا نحو ما ذكره أهل اللغة، قال ابن جرير:"الإرباء الزيادة على الشيء، يقال منه أربي فلان على فلان إذا زاد عليه، والزيادة هي الربا، وإنما قيل للمربي مربٍ لتضعيفه المال الذي كان له على غريمه حالا أو لزيادته عليه فيه لسبب الأجل الذي يؤخره إليه". انتهى، وقال الماوردي:"الربا هو الزيادة على مقدار الدين لمكان الأجل"، وقال