النص أوضح دليل على أن الربا في الأصناف الستة من الربا الجلي، ويدل على ذلك أيضا قصة بلال -رضي الله عنه- لما باع صاعين من التمر الرديء بصاع من التمر الطيب فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك «أوه أوه عين الربا عين الربا لا تفعل» متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، وفي رواية للنسائي:«أوه عين الربا لا تقربه» قال النووي: "معنى عين الربا أنه حقيقة الربا المحرم"، وفي رواية لمسلم أن رجلا باع صاعين من التمر الرديء بصاع من التمر الطيب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هذا الربا فردوه» وفي رواية أنه قال: «ويلك أربيت» ففي هذه النصوص أوضح دليل على أن ربا الفضل من الربا الجلي، وفيها أبلغ رد على من قال إنه من الربا الخفي.
وأما قوله: إن الخفي حُرِّم لأنه ذريعة إلى الجلي وأن الأول - وهو ربا النسيئة - محرم قصدا، وأن تحريم الثاني - وهو ربا الفضل - تحريم وسيلة، فهو قول لا دليل عليه إلا ما ذكره من حديث أبي سعيد الخدري وهو حديث ضعيف الإسناد كما سيأتي بيانه -إن شاء الله تعالى- وبيان أنه من حديث ابن عمر لا من حديث أبي سعيد.
وفي قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فمن زاد أو استزاد فقد أربى» وفي رواية: «فهو ربا» أوضح دليل على أن ربا الفضل محرم قصدًا وليس تحريمه تحريم وسيلة، ويدل على ذلك أيضا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لبلال:«أوه أوه عين الربا عين الربا لا تفعل» وفي رواية: «أوه عين الربا لا تقربه» وقوله في رواية مسلم: «هذا الربا فردوه» وفي رواية أنه قال: «ويلك أربيت» ففي هذه النصوص أبلغ رد على ما في كلام ابن القيم -رحمه الله تعالى- من التهوين لشأن ربا الفضل وجعله من الربا الخفي وقوله إنه لم يحرم قصدًا وإنما حرم تحريم وسيلة، ولو كان الأمر على ما ذهب إليه ابن القيم لكان ينبغي أن يقال: فمن زاد أو استزاد فقد توسل إلى الربا. وأن يقال في قصة بلال: لا تفعل فإنه وسيلة إلى الربا.
وأما ما ذكره عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- أنه سئل عن الربا الذي لا شك فيه فقال: هو أن يكون له دين فيقول له أتقضي أم تربي فإن لم يقضه زاده في المال وزاده هذا في الأجل.
فجوابه: أن يقال: إن هذا القول مما يشك في ثبوته عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-؛ لأن مفهومه يدل على أن ما سوى ربا أهل الجاهلية الذين كانوا يقولون إما أن تقضي وإما أن تربي فكله مشكوك فيه. وهذا المفهوم يأتي على كل ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في نحو من ثلاثين حديثا من الأحاديث الثابتة عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه نهي عن ربا الفضل، وفي بعضها ...........