بيان منه سبحانه أنه لا يجوز للعبد أن يقول هذا حلال وهذا حرام إلا بما علم أن الله أحله وحرمه، قال بعض السلف:"ليتق أحدكم أن يقول أحل الله كذا وحرم كذا فيقول الله له: كذبت لم أحل كذا ولم أحرم كذا" فلا ينبغي أن يقول لما لا يعلم ورود الوحي المبين بتحليله وتحريمه أحله الله وحرمه لمجرد التقليد أو بالتأويل". انتهى.
وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية: "ويدخل في هذا كل من ابتدع بدعة ليس له فيها مستند شرعي أو حلل شيئا مما حرم الله أو حرم شيئا مما أباح الله بمجرد رأيه وتشهيه". انتهى.
وقال -تعالى- في تحريم القول عليه بغير علم:{إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}، قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في (أعلام الموقعين): "قد حرم الله القول عليه بغير علم في الفُتيا والقضاء وجعله من أعظم المحرمات، بل جعله في المرتبة العليا منها ... ثم ذكر الآية من سورة الأعراف وقال في الكلام عليها: فرتب المحرمات أربع مراتب وبدأ بأسهلها وهو الفواحش، ثم ثنَّى بما هو أشد تحريما منه وهو الإثم والظلم، ثم ثلَّث بما هو أعظم تحريما منهما وهو الشرك به -سبحانه-، ثم ربَّع بما هو أشد من ذلك كله وهو القول عليه بلا علم، وهذا يعم القول عليه -سبحانه- بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه وشرعه". انتهى.
وقد تواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«من كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار».
الأمر الثاني: مما اشتملت عليه كتابة الفتان محادة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ومبارزتهما بالمعصية، وذلك بتحليل ما جاءت النصوص من القرآن والسنة بتحريمه والوعيد الشديد عليه، والمحادة هي المشاقة والمخالفة لأمر الله -تعالى- وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وارتكاب ما جاء النهي عنه في الكتاب والسنة، وقد قال الله -تعالى-: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ}، وقال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}، وقال -تعالى-: {يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، وقال -تعالى-: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِينًا}.