الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الذي حرم الربا على عباده وتوعد عليه بالوعيد الشديد، فقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي حذر من الربا غاية التحذير، ولعن آكله وموكله وشاهديه وكاتبه وقال:«هم سواء» أرسله الله بالهدى ودين الحق، وجعل العزة والنصر له وللمؤمنين المتمسكين بسنته، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره وأرتكب نهيه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرًا.
أما بعد: فهذا كتاب وجيز في أحكام الربا والمرابين، وذكر ما جاء من الوعيد الشديد للمرابين، كتبته ردًا على الفتَّان الذي استزله الشيطان وأغواه، وزين له عمله السيئ في تحليل الربا في المعاملات مع أهل البنوك والمصارف، وفيه أيضا رد على من شايع الفتان من أعوان الشيطان والمتبعين لخطواته، وقد قال الله -تعالى- فيمن كان بهذه المثابة:{وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، وقال -تعالى-: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}، وقال -تعالى-: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} والآيات في هذا المعنى كثيرة.
فصل
وقد سمى الفتان كتابته في تحليل الربا (موقف الشريعة الإسلامية من المصارف)
وهذا من قلب الحقيقة والافتراء على الشريعة الإسلامية؛ لأنها قد جاءت بتحريم
المعاملات الربوية، ولم تأت بحلِّها، ومن زعم أن الشريعة الإسلامية تبيح المعاملات