والمسلمين، بل إن الأمر بالعكس بحيث أن المسلمين أصيبوا بالضعف والوهن حينما كثرت عندهم البنوك التي يتعامل أهلها بالربا ويستحلونه، ووقع فيهم الاستذلال لأعداء الله -تعالى- وخصوصا لما يسمى بمجلس الأمن - وهو في الحقيقة مجلس أمن للأقوياء من دول الكفر، ومجلس بضد الأمن للمستضعفين من المسلمين وغير المسلمين - وهذا مصداق ما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود عن أبن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:«إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم» هذا لفظ أبي داود، ولفظ أحمد:«لئن أنتم اتبعتم أذناب البقر وتبايعتم بالعينة وتركتم الجهاد في سبيل الله ليلزمنكم الله مذلة في أعناقكم ثم لا تنزع منكم حتى ترجعوا إلى ما كنتم عليه وتتوبوا إلى الله».
العينة نوع من أنواع الربا، وفي البنوك من المعاملات الربوية ما هو أعظم من العينة بكثير، وبالجملة فالتعامل بالربا شر محض، ولا يتعامل به إلا جاهل أو مكابر معاند.
الوجه الرابع: أن يقال: إن الله -تعالى- أخبر في كتابه أنه يمحق الربا. وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل» وقد ذكرت هذا الحديث في الفائدة التاسعة من فوائد الآيات الدالة على تحريم الربا فليراجع. وما كان بهذه المثابة فإنه لا يمكن أن يحصل منه قوة اقتصادية للمسلمين، وإنما يخشى أن يكون سببا لحلول العقوبة العامة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما ظهر في قوم الزنا والربا إلا أحلوا بأنفسهم عذاب الله» رواه أبو يعلى بإسناد جيد من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- وتقدم ذكره، وروى الحاكم في مستدركه من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه، وصححه الحاكم والذهبي، وتقدم ذكره أيضا.
وفي نص الآية الكريمة على محق الربا ونص الحديث على أن عاقبته تصير إلى قل أبلغ رد على الفتان الذي قد توهم أنه يحصل من الربا قوة اقتصادية للمسلمين.
الوجه الخامس: أن يقال: إن البنوك الإسلامية التي لا يتعامل أهلها بالربا قد وجدت في بعض البلاد الإسلامية وهي أكثر أرباحًا من البنوك التي يتعامل أهلها بالربا، فمنها (بنك فيصل الإسلامي) ومقره في القاهرة، وله فروع كثيرة في بعض البلاد الإسلامية، وهذا البنك لا يتعامل أهله بالربا، وإنما يأخذون الأموال من أهلها