الاقتصاد الإسلامي) وهو في صفحة ٣٠ وقوله في آخره: أي أن القيمة الحالية لمائة صاع ... إلى آخره، ليس من كلام الشافعي وإنما هو من كلام الدكتور رفيق ومع هذا فقد جعله الفتان من كلام الشافعي ولم يميز بين كلامه وكلام غيره، وليس في كلام الدكتور رفيق ما يدل على أنه كان يرى تحليل الربا في البنوك، بل إنه قد رد على رشيد رضا في قوله بجواز الزيادة في القرض فقال في صفحة ٣٤:"هذا توسع منه غير مقبول شرعًا ولا عقلاً"، وفي هذا رد على الفتان أيضا.
الوجه الثاني: أن يقال: ليس في كلام الشافعي -رحمه الله تعالى- ما يتعلق به الفتان فيما رآه تحليل ربا القرض المؤجل في المعاملات المصرفية؛ لأن بيع الطعام إلى أجل بعيد بأكثر من قيمته إذا بيع بقيمة حاضرة أو إلى أجل قريب لا خلاف في جوازه، بخلاف القرض بزيادة فإنه عين الربا وهو حرام بالإجماع، وقياس هذه المعاملة الربوية على ما قاله الشافعي في بيع الطعام المؤجل من أفسد القياس وهو مطابق لما أخبر الله به عن المرابين أنهم قالوا:{إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} وفي هذه الآية أبلغ رد على الفتان.
فصل
قال الفتان:"وقرر الفقهاء أن العين خير من الدين والحاضر أفضل من الغائب والناجز أحسن من غيره وأن الخمسة نقدًا تساوي ستة مؤجلة، ثم ذكر ثلاثة عشر كتابًا من كتب الفقهاء من أهل المذاهب الأربعة قد ذكر فيها هذا الكلام أو معناه".
والجواب عن هذا من وجهين؛ أحدهما: أن يقال: إن الفتان قد نقل هذا الكلام بالنص من رسالة الدكتور رفيق المصري، وقد تقدم ذكرها في الفصل الذي قبل هذا الفصل، وهذا الكلام مذكور في صفحة ٣٠ من الرسالة، ونقل الفتان أيضا من الرسالة ما ذكره الدكتور رفيق من الكتب الثلاثة عشر من كتب الفقهاء من أهل المذاهب الأربعة، وهي التي ذكر فيها هذا الكلام أو معناه، ونقل أيضا ما ذكره الدكتور رفيق من الأرقام لأجزاء الكتب المشار إليها وصفحاتها، وهو في صفحة ٣٠ - ٣١ وصفحة ٣٥ - ٣٦ من الرسالة، ولو أن الفتان نسب الكلام للدكتور رفيق لكان أولى له من الاتصاف بصفة اللصوص، وليس في كلام الدكتور رفيق ما يتعلق به الفتان في تأييد قوله الباطل في تحليل الربا في المصارف؛ لأن الدكتور إنما ساقه في بيع الطعام بثمن مؤجل، وقد رد فيه قول رشيد رضا إن الزيادة تجوز في القرض، وتقدم ذلك في الفصل الذي قبل هذا الفصل.