الوجه الثاني: أن يقال: إنه ليس في القرآن نص يدل على التحريم والتحذير من نوع من أنواع الربا دون غيره من الأنواع، إنما جاءت نصوص القرآن على وجه العموم الذي يتناول جميع أنواع الربا، وسواء في ذلك ما كان منه على طريقة أهل الجاهلية وما ليس على طريقتهم فكلها داخلة في عموم التحريم والتحذير من الربا والوعيد الشديد عليه، وأما حصر الربا المحرم فيما كان على طريقة أهل الجاهلية فهو من التحكم المخالف لنصوص الكتاب والسنة ولإجماع المسلمين على تحريم الربا على وجه العموم.
وأما قوله: إن المعاملات المصرفية معاملات جديدة لا تخضع في حكمها للنصوص القطعية التي وردت في القرآن بشأن حرمة الربا.
فجوابه من وجهين؛ أحدهما: أن يقال إن عبارة الفتان في هذه الجملة عبارة سيئة جدًا؛ لأنها تقتضي رد النصوص القطعية التي وردت في القرآن بتحريم الربا تحريمًا مطلقًا يشمل المعاملات القديمة والمعاملات الجديدة على حدٍ سواء، وما أعظم الخطر في رد نصوص القرآن؛ لأن ذلك من الرد على الله -تعالى- وعدم الرضا بحكمه الذي أنزله في كتابه واستبداله بحكم القانون الذي هو من حكم الجاهلية، وقد قال الله -تعالى-: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} وفي هذه الآية أبلغ رد على الفتان وعلى كل من رضي بحكم القانون في المعاملات المصرفية ولم يرض بحكم الله -تعالى- وحكم رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيها وفي غيرها من المعاملات.
الوجه الثاني: أن يقال: إن حكم الشريعة الإسلامية في المعاملات المصرفية الجديدة لا يختلف عما كان عليه في المعاملات القديمة، فكما أن المسلمين قد خضعوا في المعاملات القديمة لحكم الشريعة الإسلامية بتحريم الربا على وجه العموم الذي يشمل جميع أنواعه، فكذلك يجب على أهل المصارف أن يخضعوا لحكم الشريعة الإسلامية بتحريم الربا على وجه العموم الذي يشمل جميع أنواعه لأنه لا فرق بين المعاملات القديمة وبين المعاملات المصرفية الجديدة في تحريم الربا ولا في غير ذلك من الأحكام، ومن فرق بينهما فقد فرق بين متماثلين وذلك غير جائز.
وأما قوله: ولهذا يجب علينا النظر إليها من خلال مصالح العباد وحاجاتهم المشروعة اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إباحته بيع السلم ... إلى آخر كلامه.
فجوابه: أن يقال: إن الإيجاب والتحليل والتحريم من الأمور التي مبناها على ........