بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطي فيه سواء» وتقدم أيضا حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه وفيه:«فمن زاد أو ازداد فقد أربى» وتقدم أيضا حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل والفضة بالفضة وزنا بوزن مثلا بمثل فمن زاد أو استزاد فهو ربا»، وفي رواية:«الذهب بالذهب والفضة بالفضة والورق بالورق مثلا بمثل يدًا بيد من زاد أو ازداد فقد أربى».
وهذه النصوص صريحة في تحريم التفاضل في بيع الجنس بجنسه في جميع الأعيان المذكورة في هذه الأحاديث، وصريحة أيضًا في الحكم على الزيادة بأنها ربا، والظاهر من الأحاديث أنه لا فرق بين أن تكون الزيادة كثيرة أو قليلة جدًا، وظاهرها أيضا أنه لا فرق بين ما يكون فيه قسوة على المحتاج وما ليس فيه قسوة عليه، وأما الظلم في أخذ الزيادة فهو حاصل في جميع البيوع الربوية سواء كانت الزيادة فيها كثيرة أو قليلة لقول الله -تعالى-: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} فدلت الآية على أن ما زاد على رؤوس الأموال فهو ظلم وأنه لا فرق في ذلك بين الزيادة الكثيرة والزيادة القليلة.
وفي هذه النصوص أيضًا أبلغ رد على من أجاز أخذ الربا من صندوق التوفير والمصارف وسماه باسم الربح.
الوجه الثالث: أن يقال: إن بلال -رضي الله عنه- لما باع صاعين من التمر الرديء بصاع من التمر الطيب قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أوه أوه عين الربا عين الربا لا تفعل» وفي رواية أن رجلا باع صاعين من التمر الرديء بصاع من التمر الطيب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هذا الربا فردوه» وفي رواية أنه قال له: «أضعفت أربيت لا تقربن هذا» وفي رواية أنه قال له: «ويلك أربيت» وقد تقدمت هذه الأحاديث في أول الكتاب فلتراجع (١)، ففيها أبلغ رد على من أجاز أخذ الربا من صندوق التوفير والمصارف وسماه باسم الربح وعلل جواز أخذه بأنه ليس فيه ظلم لأحد ولا قسوة على محتاج، وهذا التعليل مردود بما جاء في قصة بلال وما ذكر بعدها فإنه ليس في فعلهم ظلم لأحد ولا قسوة على محتاج، ومع هذا فقد أنكر عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وبالغ في الإنكار، ونص على أن ما ..............................