على تحريم الربا تحريمًا مطلقًا يشمل جميع أنواع الربا، وهذه الأصول الثلاثة تقضي على جميع شبه الفتان وحيلة على تحليل الربا في المصارف.
وأما زعمه أن العقد الذي يكون بين الدائن وبين أهل المصارف عقد رضائي تجاري، وقوله أيضا إنها تجارة من نوع جديد جري التعارف عليها، وقول رشيد رضا إن المعاملة التي يقصد بها الاتجار لا القرض للحاجة هي من قسم البيع.
فجوابه أن يقال: أما وجود الرضا بين المتعاملين بالربا فإنه لا يفيد حِل الربا، كما أن الرضا بين الزانيين لا يفيد حل الزنا، وإنما يستفاد الحل أو الحرمة في جميع المعاملات من نصوص الكتاب والسنة ومن إجماع المسلمين، فما شهد له الكتاب أو السنة أو الإجماع بالحل فهو حلال وما شهدت الأصول الثلاثة أو أحدها بحرمته فهو حرام، وقد اتفقت الأصول الثلاثة على تحريم الربا على وجه العموم، ولو كان العقد واقعا برضا المتعاملين بالربا، وسواء كان المدين غنيا أو محتاجًا، وسواء كانت المنفعة عامة للدائن والمدين أو كانت خاصة بالدائن وحده، فكل هذه الأمور ليس لها تأثير في تحريم الربا والدليل على هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدًا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء» رواه الإمام أحمد ومسلم والنسائي من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، وروى مسلم أيضا من حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ينهي عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين فمن زاد أو ازداد فقد أربى»، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه رواه الإمام أحمد ومسلم والنسائي، وفي رواية لمسلم:«الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل والفضة بالفضة وزنا بوزن مثلا بمثل فمن زاد أو استزاد فهو ربا» فهذا نصوص صريحة في منع الزيادة في بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة وغيرها من الأصناف الستة، قال النووي:"قوله: «فمن زاد أو ازداد فقد أربى» معناه فقد فعل الربا المحرم فدافع الزيادة وآخذها عاصيان مرابيان". انتهى.
وفي النص على أن من زاد أو استزاد فقد أربى أبلغ رد على شبه الفتان ورشيد رضا؛ لأن ظاهر النصوص يدل على أنه لا تأثير لكون المعاملة واقعة برضا المتعاملين بالربا، ولا لكون المدين غنيا أو محتاجًا، ولا لكون المنفعة عامة للدائن والمدين أو كونها خاصة بالدائن وحده، ولا بين أن يكون المقصود بالمعاملة الإتجار أو غير ذلك من المقاصد، .............