للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكبائر أكل الربا، وقد تظافرت النصوص من الكتاب والسنة بتحريمه والوعيد الشديد عليه، وأجمع المسلمون على تحريمه وعلى أنه من الكبائر، وما كان بهذه الصفة فإنه يجب أن يسارع إلى إنكاره والمنع منه ولا يجوز التهاون به.

الوجه الثاني: أن يقال: إن التسرع المذموم ما وقع فيه الفتان من التسرع إلى تحليل الربا في المصارف ليرضي أهلها والمتعاملين معهم بالعاملات الربوية، ولم يبال بما يترتب على تسرعه من مخالفة نصوص الكتاب والسنة وإجماع المسلمين على تحريم الربا تحريما مطلقا يتناول جميع أنواع الربا، ومنه ربا القرض الذي يتعامل به أهل المصارف، وفي هذا التسرع دليل على أن الفتان قد أصيب في دينه وعقله، وقد قال الله -تعالى-: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} فلا يأمن الفتان أن يكون له نصيب وافر مما جاء في هذه الآية الكريمة.

وأما قوله: إن حظرها يوقع العباد في حرج معاشهم لا مثيل له.

فجوابه من وجهين؛ أحدهما: أن يقال: إن هذه الجملة قد تضمنت الاعتراض على الله -تعالى- وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - في تحريم الربا وحظره على العباد، وتضمنت أيضا الاعتراض على إجماع المسلمين على تحريم الربا وحظره على العباد، وما تضمن الاعتراض على الله -تعالى- وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - وعلى إجماع المسلمين فهو قول سوء لا يصدر إلا من رجل سوء قد أصيب في دينه وعقله، وقد قال الله -تعالى-: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِينًا}، وقال -تعالى-: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} والآيات في هذا المعنى كثيرة، وفي الآيتين أبلغ رد على الفتان الذي قد تحرج من تحريم الربا ولم يرض بحكم الله وحكم رسوله - صلى الله عليه وسلم - بتحريمه ولم يرض بإجماع المسلمين على تحريمه.

الوجه الثاني: أن يقال: إن الله تعالى لما حظر الربا على العباد أحل لهم البيع ولم يجعلهم في حرج من معاشهم، وقد استقامت أحوال المسلمين في معايشهم على ما أحل الله لهم من البيع منذ زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى زماننا ولم يتحرجوا من تحريم الربا عليهم حتى جاء الفتان المفتون فزعم أن تحريم الربا يوقع العباد في الحرج في معايشهم، وهذا من الافتراء واتباع الظن، ومن لم يتسع له ما اتسع للمسلمين من .............

<<  <   >  >>