[الخاتمة]
وأخيراً: القرآن ينادينا
وقبل أن ينتهي الحديث في هذه الصفحات عن القرآن وعن كيفية العودة إليه، أنقل إليك أخي القارئ رسالة استشعرت وكأن القرآن يريد أن يرسلها لنا، يقول فيها:
أيها المسلمون في كل مكان سارعوا بالعودة إلي والانتفاع بي قبل أن تضيع منكم الفرصة، ويشتد بكم الندم.
أقبلوا علي بكيانكم اتهتدوا بهداي، ولتستشفوا بشفائي، ولتنتفعوا بمواعظي ...
اتركوا أنفسكم لي، وسيروا معي حيث سرت، فسأكون لكم -بمشيئة الله- نِعم القائد الذي يقودكم إلى العيش السعيد في الدنيا، والنعيم المقيم في الآخرة.
انشغلوا بي، وأكثروا من تلاوتي، وتدبروا آياتي، وأعملوا بما أدلكم عليه قدر استطاعتكم .. ولا تبخلوا عليَ بأوقاتكم، اجعلوا لي حظا من نهاركم، ونصيبا من ليلكم ...
اصحبوني في حلكم وترحالكم، ولكم عهد بألا أخذلكم، وألا أترككم تواجهون الصعاب بمفردكم بل سأكون معكم نعم الصديق لصديقه، وسأصحبكم في قبوركم لتستأنسوا بي في وحدتكم، وستجدوني أمامكم يوم القيامة أحاج عنكم حتى أرفعكم في الجنة درجات ودرجات.
اعتصموا بي فأنا حبل الله المتين، من استمسك به ارتفع إلى السماء، وتخلص من جاذبية الأرض والطين واقترب من مولاه.
إياكم ثم إياكم أن تستجيبوا لوساوس الشيطان بأنكم لا تصلحون لتدبري وفهم آياتي، فيقينا أن كل عاقل منكم يقدر على فهمي، والاهتداء بهداي، والتأثر بمواعظي، فلقد أودع الله في آياتي القدرة على التأثير على الحجارة إن خاطبتها، فكيف بقلوب خلقها ربي لتكون أوعية لمعرفته؟
قد يتأخر الإمداد من ربكم لحكمة منه سبحانه فلا تيأسوا، وأيقنوا بأنه قادم لا محالة طالما اشتد عزمكم وتاقت أنفسكم للدخول إلى مأدبتي وتذوق حلاوتي.
عاهدوني أن تتلوا آياتي بترسل وتؤدة .. حركوا بها قلوبكم، وترنموا بها في ليلكم، واجعلوا المعنى مقصودكم، ولا يكن همكم سرعة الانتهاء من وِردكم.
لا تستصغروا أنفسكم فلقد كرمك مولاكم على سائر خلقه، وأسجد الملائكة لأبيكم ... أنتم قادة هذا الكون الفسيح، وكل ما فيه مخلوق من أجلكم، مسخر لخدمتكم، فتقدموا إليه واجعلوني دليلكم، وافتحوا به هذه الأرض، وتعرفوا على ما فيها من عوالم كثيرة طال انتظارها لكم لتكتشفوا مكنوناتها وما تحتويه من أسرار لأسماء الله وصفاته، فتزداد من خلالها معرفتكم بربكم.
سارعوا إلى حملي فأمتكم أمة الإسلام - خير أمة أخرجت للناس - في حالة من الضياع والتفكك والتشرذم لم يسبق لها مثيل، فلقد طال سباتها واشتد مرضها ولا علاج لها إلا من خلالي.
إن المستضعفين من إخوانكم المسلمين في كل مكان ينتظرون الفرج، فاحملوا مصباحي، واجمعوا الناس حول نوري، وناولوا دوائي لكل شارد وغافل.
وأبشروا بالنصر فما أسرع تنزله على جيل القرآن ...
سيعود لكم مجدكم الزائل، ودياركم المسلوبة .. ستعود القدس، ويافا، وحيفا، وعكا .. ستعود كشمير، والبلقان، والأندلس، وسترتفع راية التوحيد على روما، وستعود أمتكم أمة واحدة .. دستورها واحد وغايتها واحدة، وخليفتها واحد .. العدل منهجه، وكتاب الله دليله، وما ذلك على ربكم بعزيز، واعلموا أن استمرار عزكم ومجدكم مرهون بتمسككم بي، فلا تقعوا بعد ذلك فيما وقع فيه من سبقكم عندما تركوني وانشغلوا بغيري.
أنفذوا وصية نبيكم بالتمسك بي واجعلوني وصيتكم لأبنائكم ولمن بعدكم تفوزوا بخيري الدنيا والآخرة.
وفي النهاية:
نسأل الله عز وجل أن يتقبل منا ما وفقنا إليه من خير في هذه الصفحات، وأن يتجاوز عما فيها من زلات، وأن يجعلنا جميعا من أتباع القرآن، ومن جيل القرآن، ومن أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ..
والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.