للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإحسان إلى ذوي القربى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: ٩٠].

والإحسان لابد أن يُظلل حياة الزوجين {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩].

وفي حديث الناس مع بعضهم: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} [الإسراء: ٥٣].

بل وفي الجدال أيضا إحسان: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥].

ويُرغب المولى عباده في القيام بواجب الدعوة إليه، فيُخبرهم بأنها أحسن الأقوال: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: ٣٣].

وليس الإحسان في القول فقط، بل في الخلق والمعاملات بين الناس أيضا، قال تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: ١٣٤].

وأرشدنا الله سبحانه وتعالى إلى أن الطريق السهل لإنهاء الخصومة هو الإحسان: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: ٣٤].

وليس الإحسان في الفعل فقط، بل في الترك أيضا، فالله عز وجل أخبر أنه لا يُحب من كان مُختالا فخورا، قال تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: ١٨].

والمتتبع لهذا الجانب في القرآن سيجد آيات كثيرة تحدد له كل ما يُحبه الله عز وجل، وما يُبغضه في علاقته بالناس بصفة عامة وبالمؤمنين بصفة خاصة.

الجانب التاسع

فقه الدعوة إلى الله

الإسلام هو دين الله الخاتم للبشرية جمعاء، والقرآن الكريم هو كتاب هذا الدين جاء مصدقا لما سبقه من كتب، وناسخا لشرائعها، ومهيمنا عليها، كما قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: ٤٨].

هذا الكتاب المعجز

أنزله الله عز وجل على الناس، وجعله ناطقا بالحق: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: ٤٢].

وكما أشرنا سابقا فإن الهدف الأساسي من نزوله هو هداية الناس إلى الله، وإلى صراطه المستقيم، واستنقاذهم من طريق الضلال، فمن بحث فيه عن الهدى وجده، ومن شك فيه فما عليه إلا أن يقرأ الكتب السابقة التي بين أيدي الناس ليعرف الفارق الكبير بينها وبين القرآن، وليتأكد لديه أنه من عند الله.

[فإن كان الأمر كذلك فلماذا لا يؤمن الكثير من الناس بالله وبدينه؟!]

هذا السؤال يُجيب عنه القرآن في عدة مواضع، ويُبين لنا أن ابتعاد الناس عن الحق له سببان لا ثالث لهما: إما جهل بهذا الحق، وإما هوى في قلوبهم يمنعهم من الإذعان له، قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} [القصص: ٥٠].

لذلك كانت أهمية الدعوة إلى الله لإنقاذ هؤلاء الذين يجهلون الله سبحانه وتعالى، ولقد رفع الله عز وجل من شأنها وجعلها من أعظم ما يتقرب به العبد إليه. قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: ٣٣].

<<  <   >  >>