في هذه الآيات تحذير شديد للمؤمنين من مخالفة فعلهم لقولهم.
والمُشاهد لأحوالنا يجد أن الحال يختلف عن المقال، فالكثير يتكلم وينصح والقليل من تتمثل فيه هذه الأقوال والنصائح .. الكل يريد أن تكون أفعاله على مستوى أقواله لكنه لا يستطيع، فإن تكلف ذلك فترة من الزمن فسرعان ما يعود إلى سابق عهده.
وليس معنى هذا عدم مطابقة الفعل للقول بالكامل، فهذا هو حال المنافقين والعياذ بالله، وإنما المقصد هو وجود بعض السلوكيات الخاطئة التي تتنافى مع ما يُحبه الله ويرضاه.
[أمثلة من الواقع]
نحن كثيرا ما نتحدث عن الأولاد أنهم هبة من الله عز وجل، وليس بيد أحد من الناس اختيار نوع المولود، فإذا ما رُزق البعض منّا بأنثى شعر بالضيق في صدره، فإذا ما تكرر ذلك ازداد ضيقه، والذي قد يدفعه إلى اتهام زوجته بأنها السبب في ذلك.
ومن صور التناقض بين القول والفعل أيضا أننا نتكلم عن ضرورة المساواة بين الأبناء ويفعل بعضنا عكس ذلك.
ونتكلم كذلك عن ضرورة الإحسان إلى الزوجة ومعاشرتها بالمعروف، ونتبارى في إلقاء الكلمات المُعبرة عن ذلك، وإذا بشكاوى الزوجات من سوء معاملة أزواجهن تصُمُّ الآذان.
- نتحدث كثيرا عن حقيقة الدنيا وأنها دار ارتحال وليست دار مقام، فلن يأخذ الإنسان - أي إنسان - شيئا معه عند خروجه منها، ثم تجد منّا الحرص على التملك فيها، واللهفة على تحصيل أكبر قدر منها، وكأننا لن نُغادرها.
وغير ذلك من الأمثلة التي تكشف حجم الهوة بين الواجب والواقع، والقول والسلوك.
[أين القدوة؟]
إذن فنحن أمام مشكلة السلوك الخاطئ ونُدرة وجود الشخص القدوة الذي يقترب فعله من قوله، فضلا عن أن يتطابق معه.