للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومع هذا كله، فالله عز وجل أحاط بكل ذلك، فهو الشهيد - الرقيب - السميع - البصير - القريب - المحيط، قال تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة: ٧].

فشدة الرقابة وعدم معرفة نهاية وقت الاختبار يستلزم منا شدة اليقظة، ودوام محاسبة النفس، والحذر من الشيطان، وكثرة التوبة والإنابة إلى الله.

[ويبقى السؤال: متى الحساب وإعلان النتيجة؟]

يُخبرنا القرآن في عشرات الآيات بما سيحدث للأرض بعد انتهاء امتحان آخر مجموعة من البشر: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (٢) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (٤) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} [الانشقاق: ١ - ٥].

فالأرض بعد انتهاء دورها تُخرج كل من فيها من البشر ثم تتحطم ليبدأ يوم الحساب في أرض المحشر.

الكل سيُحاسب {يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠) كَلَّا لَا وَزَرَ (١١) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢) يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} [القيامة: ١٠ - ١٣].

جميعنا سيأتي يوم القيامة، ولكن كل واحد بمفرده، دون حاشية او أقارب أو معارف {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم: ٩٥].

وستخرج معنا صحيفة أعمالنا وإحاباتنا عن كل شيئ {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (١٣) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء: ١٣، ١٤].

إنه يوم عصيب {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} [المزمل: ١٧]، {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: ٣٤ - ٣٧].

يتولى فيه سبحانه وتعالى بنفسه الحساب مع كل فرد {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: ٤٧].

وبعد الحساب تُعلن النتائج وتُوزع الشهادات {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (٩) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (١٠) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (١١) وَيَصْلَى سَعِيرًا} [الانشقاق: ٧ - ١٢].

فينطلق الناجون إلى الجنة ليتنعموا فيها بالملك والخلد {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا} [الإنسان: ٢٠].

ويُساق الراسبون إلى النار حيث الحبس والعقوبة الأليمة {نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: ٦].

[القرآن وقصة الوجود]

ولقد أفاض القرآن في تذكيرنا بقصة الوجود، وأخبرنا بما سيحدث لنا، وصوّر يوم القيامة بمشاهده العظيمة، ووصف لنا الجنة والنار وصفا دقيقا .. كل ذلك ليزداد تشميرنا وتنافسنا للفوز بالجنة والنجاة من النار.

<<  <   >  >>