٦ - سؤال الجنة استجداء لا استحقاقا، فمن تفضل الله عليه، وقبل عمله وتجاوز عن حقه لديه، وعفا عنه، أدخله الجنة ورفعه في درجاتها بهذ العمل القليل الذي أداه .. رحمة منه - سبحانه - وفضلا.
[وسائل عملية]
ومع تذكير القرآن الدائم لنا بحق الله علينا فإنه يدلنا كذلك على وسائل عملية تجعلنا دوما مستشعرين لهذا الحق، منها:
١ - ذكر النعم وإحصاء جوانبها:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [فاطر: ٣].
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} [المائدة: ١١].
وقال تعالى: {فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأعراف: ٦٩].
فالتذكر الدائم لنعم الله عز وجل والعمل على إحصائها وكتابتها من أهم وسائل معرفة حق الله عز وجل علينا ومن أكبر المعينات كذلك على شكره سبحانه.
قال تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: ١١].
٢ - ربط النعم بالمنعم وحمده عليها:
مما يعين على دوام تذكر حق الله علينا، ربط أي نعمة جديدة بالمنعم العظيم وسرعة حمده عليها لينغلق الباب سريعا أمام النفس، فلا تلح على صاحبها كي ينسب النعمة إليها، أو يحمدها عليها ..
قال تعالى: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [المؤمنون: ٢٨].
وقوله: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: ١٩].
٣ - الاستغفار بعد أداء الطاعة:
فالاستغفار بعد القيام بالطاعة دليل على استشعار العبد تقصيره في حق الله، وأن هذه الطاعة لا تليق بجلاله ولا توفي حقه .. فبعد الإفاضة من عرفات علينا بالاستغفار، قال تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ١٩٩].
وبعد قيام الليل كذلك، قال تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران: ١٧].
[معرفة النفس]
هذا بالنسبة لوسائل معرفة حق الله واستشعاره بصورة دائمة، أما بالنسبة لوسائل معرفة النفس واليأس منها فهي:
١ - معرفة جوانب الفقر إلى الله:
فمعرفة جوانب الافتقار إلى الله عز وجل تُنسي العبد نفسه وتُشعره بضآلة حجمها، وتُريه دائما فضل ربه عليه، وأنه به سبحانه لا بنفسه، وأنه - سبحانه - لو تركه لنفسه لهلك وضل، كالمريض صاحب الحالة الحرجة والذي تم إمداده بالمقويات والدم والهواء والسوائل من خلال أنابيب تتصل بجسمه ولو قُطعت عنه لهلك.
فنحن بدون الإمداد الإلهي المستمر لحظة بلحظة نفتقد كل مقومات وأسباب الحياة والعافية والهداية والثبات والعصمة من الفجور و ...
فمن عاش في هذه الحقيقة سيقطع بالكلية اعتماده على نفسه أو غيره وسيتجه قلبه لله عز وجل، مادا يده إليه مستجديا فضله آملا ألا ينقطع مدده عنه.
جوانب الفقر إلى الله:
أفاض القرآن في بيان أوجه الفقر إلى الله عز وجل، منها:
- فقر الوجود وتوالي الإمداد: قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ} [الأنعام: ٤٦].
- الفقر إلى الرزق: قال تعالى: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ} [الملك: ٢١].