ومن هذه القوانين:
تبديل النعم وسلبها، قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الأنفال: ٥٣].
ومنها: المحافظة على النعم: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: ٧].
ومنها: قوانين النصر: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: ٧].
ومنها: نزول البلاء بالناس: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: ٣٠].
ومنها عقوبة الظلم: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} [الأنعام: ١٤٦].
ومنها: قوانين التيسير: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل: ٥ - ٧].
ومنها: قوانين التعسير: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: ٨ - ١٠].
وغيرها من القوانين التي تضمَّنها هذا الكتاب المبين {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨].
[البداية من العبد]
الملاحظ في القوانين الاجتماعية أن هناك قاسما مشتركا بينها وهو أن البداية التي تستدعيها لابد أن تكون من الفرد، فهي كالمعادلات الرياضية، إذا اكتمل الطرف الأول منها تحقق الطرف الثاني .. فالهدى والضلال والسعادة والشقاء، والتوفيق والخذلان، وانشراح الصدر وضيقه، والنصر والهزيمة .. كل هذه الأمور لا تُصيب العبد إلا أذا كانت منه بداية تستدعيها، فالله عز وجل لا يظلم أحدا: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [آل عمران: ١٨٢].
وهو كذلك لا يُحابي أحدا ولا يكرمه إلا بمقدار استقامته وتقواه، قال تعالى: {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: ٨٨].
إنها قوانين تُطبق على الجميع أفرادا ومجتمعات، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} [النساء: ١٤٤].
فالآية تقول للمؤمنين: إنكم حين توالون الكافرين تستوجبون على أنفسكم تطبيق سنن الله فيكم .. من هنا يتضح لنا أن إدراك السنن والقوانين التي يحكم الله بها الحياة، وفهمها، وإسقاطها على الواقع الذي نحياه لابديل عنه لكل من يريد العيش الآمن والسعيد لنفسه في الدنيا والآخرة، ولمن يريد كذلك العزة والرفعة لأمته.
[القرآن دستور الحياة]
لأن القرآن كتاب هداية فلقد أفاض في ذكر السنن والقوانين التي تحكم الحياة، وبخاصة الاجتماعية منها لتوقف سعادة الناس عليها. قال تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: ١٢٣، ١٢٤].
ولم يكتف القرآن بذلك، بل ضرب الكثير من الأمثلة التطبيقية لهذه القوانين ليزداد يقين الناس بها.
قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٥٣) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ} [الأنفال: ٥٣، ٥٤].