[متى نرد على الشبهات؟]
هناك شبهات يعرضها بعض المبطلين تحتاج إلى بيان شاف .. نعم هذا البيان لن يؤثر في أهل الأهواء، لكن هناك قطاعا عريضا من الغافلين قد تؤثر فيه هذه الشبهات فيُعرض عن الحق، لذلك حرص القرآن على تفنيدها.
فدحض الشبهات له دور كبير في زيادة إيمان المؤمنين، وذهاب الشك عن المترددين.
ومن صور الشبهات التي يُرددها المُكذِّبون قديما وحديثا أن الكون ليس له خالق، بل إن الطبيعة أوجدته، ومنها أن هناك أكثر من إله في الكون، وأن لله ولدا وزوجة - تعالى سبحانه عن ذلك علوا كبيرا - أو أن القرآن ليس من عند الله، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس برسول، أو أنه يستحيل أن يكون هناك بعث بعد الموت، ومنها كذلك أننا مُجبرون على ما نقوم به من أفعال أو .... والقرآن حين يرد على هؤلاء تجد رده قويا مُفحما يشرح صدور المؤمنين ويًُزيل الشك عن المترددين.
تأمل قوله عز وجل: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٣) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [هود: ١٣، ١٤].
وفي قضية البعث: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (٨١) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: ٧٨ - ٨٣].
وفي مسألة إثبات عبودية البشر لله عز وجل وأنهم مقهورون بقضائه وقدره، في الأمور الكونية وليس في الأمور الشرعية، يقول تعالى: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الواقعة: ٨٣ - ٨٧].
وفي القرآن مواضع كثيرة تُفند الشبهات وتكشف الدوافع من وراء إثارتها.
هذا الجانب عندما يتتبعه الواحد منا في تلاوته للقرآن فإن من شأنه أن يزيده إيمانا ويقينا وعزة بهذا الدين، ويعلمه كذلك فقه الدعوة، وكيف يتعامل مع أصناف الناس، وكيف يستقبل شبهاتهم، ويُصبره على ما يلاقيه من تكذيبهم.
قال تعالى: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} [فصلت: ٤٣].
وقال تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: ٣٣].
الجانب العاشر
العبرة من قصص السابقين
القرآن مليء بقصص السابقين من المؤمنين والكافرين، بل إن المساحة التي يُفردها لهذه القصص من أكبر المساحات فيه، وهذا يعني أول ما يعني أنه ينبغي علينا أن نوليها قدرا كبيرا من اهتمامنا.
قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: ١١١].