فلتكن تذكرة في الحياة، وأثراً بعد الممات، تصلح لمسامرة الجليس، وتكون للوحيد نعم الأنيس:
رسالة طالبٍ في الكونِ أضحى ... يرى مطلوبه في كلّ مصرِ
حوت أوراقها أبياتَ شعرٍ ... ولكن كلّ بيت مثل قصرِ
وقال غيره:
وكم من رسالات رَقَمْتُ نقوشَها ... فلم أنتفع يوماً بتلك الرسائلِ
أراني في حرمان ما كنتُ أرتجي ... وآخر عمري لاحقاً بالأوائلِ
وأنا أستغفر الله تعالى من التجوّز في المقال، وألجأ إليه من الوقوع في ربقة القيل والقال، فلا أتعلل بالمموّهات من الوساوس الشيطانية، والمسوّلات من الهواجس النفسانية، ولا أكون ممن افتُتِن وقَبُح، وأسأله أن يختصني بالقبول المرضي، والعطاء الفيضي، هذا وإن أخطأت تحقيقاً، فمن البرِّ ما يكون عقوقاً:
كتبت وقد أيقنت أن جوارحي ... ستبلى ويبلى كلّ ما أنا ناقلُه
فإن كان خيراً سوف أحمد غِبّه ... وإن كان شراً أوبَقَتني غوائلُه
فأستغفر اللهَ العظيم مِنَ الذي ... كتبتُ ومما قلتُ إنّي لقائلُه
والحمد لله أوّلاً وآخراً، وباطناً وظاهراً، ونشكره في الأولى والآخرة، ونسأله عواطف رحمته الفاخرة، إنه الجواد الذي لا يخيب من أمّله، ولا يخذل من قطع رجاه من سواه وأمّ له.
يا سفرةً شقّت بكلِّ مشقّة ... وخلا مُحَيَّاها عن الإسفارِ
كتبت لنا خطّاً خلا من أحرفٍ ... لكن ظفرت بنزهة الأسفارِ