إلهي قد وهَى جَلَدي وصبري ... لميلي نحو هاتيك الشعابِ
إلهي من سواك بنا رَحيم ... يوفّقنا إلى سَنَنِ الصوابِ
إلهي أنت أولى من عفا عن ... ذنوبٍ مثل أعدادِ الترابِ
إلهي جُد بقربٍ عن قريب ... ومُنَّ على ذهابي بالإيابِ
إلهي واقض لي يا خير قاضٍ ... برؤيا سفح هاتيكَ القِبابِ
فصادف الدعاء الإجابة، وتحققت هذه الطلابة، وقد أخذ الشوق بزمام الفؤاد، وأذكرني طيبَ وادٍ أفديه بألف واد:
وادٍ سما قدره بالساكنين بهِ ... وطالِعُ السعدِ في آفاقهِ طلعا
[العودة إلى المدينة]
وقد تهيّأت أسباب الرحيل وقرأ الطالع للمطامع وحيل وهبّت نسمات القبول بالقرب والوصول، من حضرة السيد الرسول، صلى الله عليه وسلم وشرَّف وكرَّمْ.
أيا ساكني أكنافَ طيبة حسبُكم ... من السعي للعلياء جيرةَ أحمدِ
فمن يبتغي عنها بلاداً وإن سَمَت ... لأمرٍ من الدنيا فليس بمهتدِ
وكان ذلك بإسعاف ذي القدر والمقدار، وقطب القسطنطينية الذي عليه المدار، وهو مولانا شيخ الإسلام، لازال في فم الدهر ابتسام:
فلولاه لم أبلغ من الروم بُلْغَة ... ولولا نداه ما رجعت إلى أهلي
وبالجملة، فلولا ما أسداه من الإحسان، وتفضَّل به وأعان، لحالت المنيَّة دون الأمنيّة، ولم أرد مشارع تلك الديار السنيّة:
ولما رماني الدهر من كلّ جانب ... بكلّ ملمٍّ ضاق عن حمله الصدرُ
لجأت إليه لا فقدتُ وجودَهُ ... وناهيك من شخص هو البر والبحرُ