ولما تناءت بالأحبةِ دارهم ... وصرنا جميعاً من عيانٍ إلى وهمِ
تمكّن مني الشوق غير مُسامحٍ ... كمعتزليٍّ قد تمكن من خصمِ
ثم تمادى بنا السفر من بعد العصر إلى أن أسفر الفجر، ورقَّ جلد ما معنا من الدواب، وتفرق شمل رفاقنا بين تلك الروابي والشعاب، ثم أنخنا الركاب، بقفر خلا من المياه والأعشاب، فقِلْنا به ذلك اليوم، وقُلنا نأخذ فيه راحة ما بالنوم، ومن أين يجد الخاطر به القرار، وهو المعروف بوادي النار.
ما طاب عيشي بروضٍ زاهرٍ خضرٍ ... حتى يبيتَ بقفرٍ لا نباتَ به
[وادي نبط]
ولما هبت الطوارف، نفر الركب متطايراً كالوجل الخائف، فاقتحمنا تلك القفار، وانطوى بنا في السير الليل والنهار، حتى أسفر الفجر ولاح، وتشعشع بضيائه الصباح، فأنخنا بوادٍ يقال له نبط، خال من الأثل والخمط.
[فائدة]
في كتاب برهان الإعجاز في منازل الحجاز: نَبْط بفتح النون وسكون الموحدة مفازة عرضها الميل وطولها سو، وهي شرقي الجنوب، بها الآبار عذبة المياه، وفيها يقول أبو عبد الله الفيومي: