ولكنني أرجو الذي عَمَّ فضله ... يجازيه عني فهو أكرم يجزى
من لطائفه زاد الله في عواطفه، أني قصدت زيارته فرأيت على أعتابه الشريفة
من القضاة وطالبي المناصب خلقاً، قد تسربلوا بأنواع القماش، ونفخوا روح العظمة في هيكل الشاش، فأردت الدخول فلم يؤذن لي، فتصاغرت نفسي، وفقدت بالوحشة أنسي، وقلت هذه أثمان المطامع، خصوصاً بغير الطالع، فكتبت هذين البيتين:
إني أتيتُ لبابكَ العالي لكي ... أحظى بتقبيل الأيادي العاليه
فمنعتُ من حجابِ حضرتك التي ... هي للوفودِ مكارم متواليه
وبعثتهما مع غلام له، توسمت فيه جمال اللطف ولطف الجمال، فجاء الإذن فدخلت، وأخذت حظاً من مكارم أخلاقه، فلما أردت الخروج وضع في الرقعة شيئاً من فاقع اللون الذي يسر الناظرين، بحيث لم يفهم ذلك من كان هنالك، وقال: احتفظ الرقعة لتعود بها، فخرجت وأولئك القوم بحالهم على تلك الأبواب، وأظن العرق فيهم على مراتبهم، لشدة الحرّ والزحام، والانتظار الذي حيل بينه وبين المرام.