الناسُ يُهدون على قدْرِهم ... وإنَّني أُهدي على قدْري
يُهدون ما يفنى وأُهدي الذي ... يبقى مدى الأيامِ والدَّهْرِ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مَنْ لا نبي بعده، قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون. يا من أودع كنوز الأرض أسرار حكمته، يطلع عليها من جاب البلاد بحسن فطنته، وخص كلّ بقعة بخاصة لا توجد إلا فيها، وجعل لهذا رغبة عن هذه فينأى عنها، ولهذا رغبة في هذه فيصطفيها، صلِّ على نبيك ورسولك وحبيبك وخليلك سيدنا وسندنا محمد، الذي شرَّفت به كثيراً من البقاع، وعطرت بآثاره الشريفة الأكم والقاع، وعلى آله وصحبه وشيعته وحزبه أكرم من ساروا في أقطار الأقاليم فعمروها، وأقاموا بالأراضي المجدبة وبهاطل بركاتهم غمروها، ما اهتز بها أغصان الآمال بنسمات الإقبال، وما تذكر مجروح الفؤاد على مر المنازل لذة الوطن والمناهل.
(أما بعد) فإنه لا يخفى على من سبر الدهرَ وخبر أحواله، ورأى تغيراته وشاهد في ذوي الفضل أفعاله، أن من ارتدى بمحامد الخلال وتحلَّى بحلي الفضائل والكمال نصب له الزمان مصايد المصايب، وأوقعه في شرك الهوان متجرعاً غصص النوى والنوائب، وفي وهاد حسراته محترق زفراته: