القُلْزُم. فقال: أيها الملك اكتب لي كتاباً. فدعا بكتاب وكتب: ما جزاء العبد الذي خالف سيّده، فأحبَّ من عادى وعادى من أحب إلا أن يغرق في بحر القلزم. فقال: أيها الملك اختمه. فختمه ثم دفعه إليه، فلما كان يوم البحر أتاه جبريل بالكتاب وقال له: خذ، هذا ما حكمت به على نفسك، انتهى. من المحاضرة. وفي ذلك قيل:
ولما طغى فرعون جهلاً وقومه ... وجاء إلى مصر ليفسدَ في الأرضِ
أتى نحوهم موسى وفي يدهِ العصا ... فأغرقهم في اليمِّ بعضاً على بعضِ
[حكاية لطيفة]
فرعون موسى عليه السلام هو مصعب بن الريان، قيل من بقايا عاد. وقيل كان عطّاراً أصفهانياً ركبته الديون فخرج إلى الشام، فلم يتيسر له المقام بها فدخل مصر فرأى أهلها متروكين سدى، وكان وقع بها وباء عظيم، فتوجه نحو المقابر فرأى ميتاً يدفن، فتعرض لأوليائه، وقال: أنا أمين المقابر فلا يدفن إلا بخمسة دراهم. فدفعوا إليه ومضى لآخر وآخر حتى جمع مالاً عظيماً. إلى أن تعرّض يوماً لأولياء ميت فمنعوه ورفعوه إلى فرعون مصر فقال: من أنت ومن أقامك؟ فقال: لم يقمني أحد وإنَّما فعلت ذلك لأنبهك على اختلال مملكتك، وإني جمعت بهذا الطريق هذا المقدار من المال. فأحضره ودفعه إليه وقال له: ولِّني أمورك ترني أميناً. فولاه فسار بهم سيرة حسنة فاستقامت أحوالهم، فلما مات فرعون أقامه مقامه، فكان من أمره ما كان.
وبينه وبين فرعون يوسف عليه السلام - وهو الريان - أكثر من أربعمائة سنة. وحكى ابن أبي حجلة أن مدة ملك فرعون كانت أربعمائة سنة، وعاش نيفاً وستمائة سنة لم ير في حياته مكروهاً، ولم يزل مُخوّلاً في نِعم الله تعالى حتى
أخذه الله نكال الآخرة والأولى وكان قصيراً وطول لحيته سبعة أشبار، كذا في السكردانٍ.
[ومن محاسن مصر]
(الروضة) قال المقريزي: وتطلق في زماننا على الجزيرة التي هي بين مدينة مصر ومدينة الجيزة، والجزيرة كلّ بقعة في وسط البحر، سميت بذلك لأنها جُزرت، أي قُطعت عن معظم الأعظم، والنيل دائر عليها وفيها من الثمار