والشامي، بسبب الأمطار التي لم يسبق لها مثال، والسيول التي لم يعهد مثلها في الإسلام، وفي ذلك يقول المهتار:
هدم البيت أمر ربٍّ تغشا ... هُ بسيل لم يحوِ غرقاه ضبطي
في نهار الخميس عشرين شعبان ... قبيل الغروب من عام لغط
وأحسن منه للفاضل فضل الطبري:
سُئلت عن سيل أتى ... والبيت منه قد سقط
متى أتى؟ قلتُ لهم ... مجيئه كان غلط
وكان من أمر هذا السيل أنه ذهب بالأموال والأرواح، وأعقب من الفناء في أهل مكة ما أشبه بالوباء المصري والطاعون الشامي، وكان إرتفاع الماء في المسجد الشريف إلى قفل باب المحترم، وبه أرّخ من قال: رقى إلى قفل بيت الله.
[لطيفة]
على ذكر السيل في الأغاني نقلاً عن الهيثم ابن عدي قال: حدثني عبد الله بن العباس الهذلي عن رجل من بنى عامر قال: مُطرنا مطراً شديداً ارتبعناه ودام المطر ثلاثاً، ثم أصبحنا على صحوٍ، فخرج الناس يمشون على الوادي، فرأيت رجلاً جالساً على حجر، فقصدته فإذا هو المجنون جالساً يبكي، فكلمته طويلاً وهو مطرق، ثم رفع رأسه وأنشد بصوت حزين لا أنسى حُرْقته:
بكى السيل واستبكانيَ السيلُ إذ جرى ... وفاضت له من مقلتيّ غُروبُ
وما ذاك إلا حيث أيقنت أنّه ... يكون بوادٍ أنت منه قريبُ
يكون أجاجاً دونكم فإذا انتهى ... إليكم تلقَّى طيبكم فيطيبُ