وأَعجبُ ما يُرى فيهِ فقيهٌ ... مهانٌ والجهولُ هو المشارُ
أمورٌ لا يتمُّ لها قياسٌ ... أرانا شأنها الفلكُ المدارُ
وكنت ممن ناواه الزمان، وكرّ عليه بسيف حيفه الحَدَثان، أتقلب من الحسرات على فرش الغضا، وأجد لما بي أضيق ما يكون سعة الفضاء، فأعلل النفس بالأماني، وأتسلَّى بذكر من لم يَصْفُ له التهاني، ولما عيل مني الصبر وأعياني هذا الأمر دعاني داعي الأماني والآمال، وحرَّكني فيه الرجاء والالتجاء إلى الكريم
المتعال، أن أمتطي غارب الاغتراب، حسب فامشوا والبركة في الحركة والله مسبب الأسباب وأنشدني لسان الحال قول من قال:
إنَّ العُلى حدّثتني وهي صادقةٌ ... فيما تحدِّث أنَّ العزَّ في النقلِ
لو أنَّ في شرفِ المأوى بلوغَ مُنَى ... لم تبرحِ الشَّمْسُ يوماً دارةَ الحملِ
فاقتضى الأمر العزم على السفر، واقتحام مهامه المشقة والخطر، وقصد الأبواب الشريفة السلطانية، والتملِّي برؤية الموالي والأركان بالدولة المنيفة الخاقانية، والوقوف على تلك المنازلِ والمناهلِ والأطلال، وما أبرزته القدرة الإلهية من القوّة