للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَكِنَّهُ تَبْكِيْتٌ لِمَنْ كَانَ يَعْبُدُهُمَا فِي الدُّنْيَا لِيَعْلَمُوا أَنَّ عِبَادَتَهُمْ لَهُمْ كَانَتْ بَاطِلَةً» وليس من شك في أن جمع العابد والمعبود في النار غاية التوبيخ والسخرية والإيلام، وقال الإسماعيلي: «لاَ يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِهِمَا فِي النَّارِ تَعْذِيبُهُما فَإِنَّ للهِ مَلاَئِكَةً وَحِجَارَةً وَغَيْرِهَا لِتَكُونَ لأَهْلِ النَّارِ عَذَابًا وَآلَةً مِنْ آلاَتِ العَذَابِ، وَمَا شَاءَ اللهُ مِنْ ذَلِكَ فَلاَ تَكُونُ هِيَ مُعَذَّبَةً».

وإن قال قائل: وكيف يؤتى بالشمس والقمر ويكوران ويلقيان في النار والنار تضيق بالقمر فضلا عن الشمس، وهذا أمر يعلمه أهل الفلك وغيرهم؟ قلنا: إن ذلك سيكون يوم القيامة، وأحوال يوم القيامة لا تقاس على أحوال الدنيا، فستبدل الأرض غير الأرض والسماوات، وسيتغير نظام العالم الذي هو عليه اليوم، وشواهد ذلك من القرآن أكثر من أن تحصى، والله سبحانه الذي خلق هذه الأجرام قادر أن يُكَوِّرَ ما يشاء تكويره منها ويخسف ما يشاء من نورها وَيُصَغِّرَ ما هو كبير منها، ويكبر ما هو صغير منها، وهذا مِمَّا لا ينبغي أن يتشكك فيه مُوَحِّدٌ، أما الملحدون واللادينيون فللكلام معهم طريق آخر، ورواية كعب التي ذكرها لم أعثر عليها في كُتُبِ السُنَّةِ ولا التفسير وكتاب " حياة الحيوان " لاَ يُعَوَّلُ عليه في ثبوت الرواية، ولو سلمنا ثبوتها فهي لا تسعف المؤلف ولا تشهد لما قصد إليه من الطعن في أبي هريرة، لجواز أن يكون علم هذا من كتب أهل الكتاب، وليس كل ما فيها باطلاً ففيها الحق والباطل، والقرآن وَالسُنَّةُ الصحيحة هما الشاهدان على ما فيها من حق أو باطل أو يكون علمه من أبي هريرة أو أنس، وليس تجويز أن أبا هريرة أخذه عن كعب ثم رفعه بأولى من تجويز أن يكون كعب أخذه منه، ولا سيما وقد جاء في القرآن ما يشهد لما رواه، وَسُنَّةُ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شارحة للقرآن وَمُبَيِّنَةٌ لَهُ.