للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِمَّا ينبغي أن يعلم أن الملائكة تتشكل، وأن الصورة لا تحكم على هيئتها الحقيقية، فَفَقْءُ موسى عين الملك لا يعود عليه بنقص في خلقته ولا في هيئته، وبما ذكرناه يزول عن الحديث أي إشكال.

حَدِيثُ تَحَاجِّ الجَنَّةِ وَالنَّارِ:


قال: وأخرجا كذلك عنه قال: قال النَّبِيُّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَحَاجَّتِ الجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالمُتَكَبِّرِينَ وَالمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الجَنَّةُ: مَالِي لاَ يَدْخُلُنِي إِلاَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ: فَلاَ تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ اللهُ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، رِجْلَهُ فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ».

والجواب:
أن هذا الحديث رواه البخاري ومسلم في " صحيحيهما " (١)، رواه البخاري عن أبي هريرة، وروى آخره عن أنس (٢)، ورواه الإمام مسلم عن أبي هريرة من طرق عدة لا يتطرق إليها الارتياب، ورواه أيضًا عن أبي سعيد الخُدري مرفوعًا، وروى آخره عن أنس بن مالك، ولو أن الحديث كان من رواية أبي هريرة وحده لما اقتضى هذا الطعن فيه، فما بالك وقد روى عن غيره من الصحابة كما سمعت، وبذلك انهار الأساس الذي بنى عليه كلامه، وهو أنه من رواية أبي هريرة وحده، وإذا كان أبو هريرة ليس بالعدل الثقة عند المؤلف، فما رأيه والحديث ثبت عن غيره من الصحابة؟!.

هذا من ناحية الرواية، وأما من ناحية الدراية فلا نرى عليه غُبَارًا يثير الشك، وإنما يستشكل هذا من لم يتذوق لغة العرب وأساليبهم