للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متواترا قبله، وما كان آحادا رفضه أو أوّله ليطابق ظاهر الآية أو دليل العقل. ويذكرنا تشدد الحاكم هنا بحدته في الرد على المجبرة والمشبهة؛ قال في قوله تعالى: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) «١» إنها تدل- فيما تدل عليه- على أنه لا يجوز قبول كل رواية، بل يجب التمييز بين الحق والباطل، فتدل من هذا الوجه على أنه لا يجوز قبول أخبار الآحاد التي يرويها المبتدعة والمشبّهة لرئاسة أو جرّ نفع».

وقال في قوله تعالى: (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) «٢» إن الآيات تدل على أحكام عقلية وشرعية، أما العقليات فتدل على أنه لا يؤاخذ أحد بذنب غيره ولا ينتفع أحد بعمل غيره.

قال: فيبطل قول المجبرة في مسائل: أولها قولهم إن أطفال المشركين يعذبون بذنوب آبائهم ... وعد بعد ذلك ست مسائل تبطلها هذه الآية، ثم قال: «ومتى قيل: أليس روي عن ابن عباس أن الآية منسوخة، وأن الأبناء يدخلون الجنة بصلاح آبائهم؟ وعن عكرمة أن ذلك في ملة إبراهيم وموسى، وأما في ملتنا فلهم ما سعوا وما سعى لهم غيرهم، أو ليس النبي عليه السلام أمر الخثعمية أن تحج عن أبيها، وحديث سعد قال:

هل لأمي إن تطوعت عنها؟ قال نعم!


(١) الآية ٧٩ سورة البقرة، ورقة ١٠٦/ و.
(٢) الآيات ٣٦ - ٣٩ سورة النجم، ورقة ٧٤/ و.

<<  <   >  >>