للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أثبت الحاكم أولا أن في اللغة مجازا، ثم أثبت وجوده في القرآن «خلاف ما يقوله أهل الظاهر» «١»، قال: إن أهل اللغة نصوا على أن الكلام على ضربين، منه ما قد استعمل فيما وضع له، ومنه ما استعمل في غير ما وضع له، وأنهم سموا الأول: حقيقة لا مجاز لها، ولا يجوز أن يكون مجاز لا حقيقة له. ثم إن استعمال المجاز إنما يكون بنقل أو زيادة أو نقصان.

أما أهم الوجوه التي تفصل بين الحقيقة والمجاز، كما قدمها الحاكم بين يدي حديثه عن المجاز في القرآن، فهي:

١) نص أهل اللغة أن هذه اللفظة حقيقة في شيء، مجاز في آخر، فكما أنا نعرف بنقلهم اللغة، كذلك الحقيقة والمجاز «٢»

٢) الاطراد، وهو أن يطرد اللفظ في معنى ولا يطرد في معنى آخر، إلا أن يكون هناك مانع، فبذلك يعلم أن اطرادها لكونها حقيقة، واذا لم يطرد من غير مانع علمنا أنه مجاز إذ لو كان حقيقة لاطرّد، فالأول كالدار والرأس والفرس ونحوه، والثاني كالحمار للبليد، والأسد للشجاع، وكقوله: (واسأل القرية)، ويدل عليه أنه يصح نفيه مع بقاء اللغة، بخلاف الحقيقة، فتقول: هذا رجل وليس بحمار!

٣) أن يكون للفظ اشتقاق وتصرّف، ثم يحصل ذلك في أحد المعنيين دون الآخر، فيحكم بأنه في الأول حقيقة، وفي الثاني مجاز،


(١) شرح العيون، ورقة ٢٦٧.
(٢) المصدر السابق.

<<  <   >  >>