للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن الحقيقة إلى المجاز، ويجب في هذه الحالة أن تكون الدلالة ظاهرة غير خفية لأن الكلام لا يحتمل الحذف والزيادة والنقل لدلالة غامضة، كما سنفصل ذلك عند الكلام على التأويل في الفصل التالي. ونكتفي هنا بذكر عدد من الأمثلة والشواهد التي توضح مدى حرص الحاكم على الحقيقة والظاهر، وأنه كان لا يرى معنى للعدول عنهما إلى المجاز «١» - وهنا قد يخالف كثيرا من مفسري المعتزلة قبله- إلا في نطاق محدود سنتولى الحديث عنه والإفاضة في شواهده في مبحث التأويل.

قال في قوله تعالى: (وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا


(١) أما إرادة الحقيقة والمجاز معا بلفظ واحد فقد أجازه فيما يبدو، وإن كان شيوخه قد اختلفوا في ذلك، قال في قوله تعالى: (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) قيل: سبح لله أي نزه إما قولا واعتقادا، وإما دلالة. (ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) يدل جميع ذلك على وحدانيته وكونه قادرا عالما سميعا بصيرا حكيما عدلا فلا شيء ينظر إليه إلا ويعرف به، عن أبي علي وأبي مسلم. وقيل: التسبيح عند المكلفين.
بتنزيهه عما لا يليق به، ومن الجماد على وجهين: أحدهما: الدلالة على تنزيهه.
والثاني: إذعانها لما يريد إنفاذه فيها، وخضوع كل شيء لقدرته. ثم قال الحاكم: «ومتى قيل: التسبيح الأول حقيقة، والثاني مجاز، فكيف يراد بلفظ واحد؟ قلنا: أما عند شيخنا أبي على والقاضي فيجوز لأنه لا تنافي بينهما وبين إرادتيهما، وأما عند أبي هاشم وأبي عبد الله فلا يجوز أن يريدهما بلفظ واحد، ولكن إذا ثبت أن كل واحد منهما مراد فلا بد أنه تكلم به مرتين أراد في كل مرة واحدا!». ٩٥/ ظ سورة الصف.

<<  <   >  >>