إن الجلد المجدّد لم يذنب فكيف يعذب؟ لأن المعذب هو الحيّ فلا اعتبار بالأطراف والجلود!». الثاني: أنها تجدّد بأن يزيل ما بها من الاحتراق ويعيدها إلى ما كان، وقد يقال مثله: غيّر وبدّل، عن الحسن وأبي علي وأبي مسلم، قال القاضي: وهذا أقرب الوجوه، وقوّى أبو علي ذلك بأنه لو أعاد جلدا آخر لعظم جسم المعاقب على مرور الأوقات! قال الحاكم:«وهذا لا يلزم لجواز أن يزيد شيئا وينقص مثله، فلا يؤدى إلى ما قال». الثالث: أن الجلود تبدل من لحم الكافر، فيخرج من لحمه جلد آخر، عن السدي. الرابع: أن التبديل إنما هو للسراويل، وسميت بذلك للزومها جلودهم على المجاورة! قال الحاكم:
«وهذا ترك للظاهر من غير دليل».
ونختم هذا الفصل بموقف آخر للحاكم من مسألة تمسكه بعدم العدول عن الظاهر، ردّ فيه على أبي مسلم أيضا، وعلى الأصم وأبي القاسم من مفسري المعتزلة، قال تعالى:(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)«١» أي قربت القيامة بخروج خاتم الأنبياء وآخر الأمم، قال الحاكم:«وهذا هو الوجه وعليه جماعة المفسرين» وقيل: اقتربت ساعتهم يوم بدر فإنهم يهلكون بالسيف!
(وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) قيل: انشق القمر بمكة فلقتين فلقة فوق الجبل، والأخرى أسفل من الجبال، فقال صلى الله عليه: اللهم فاشهد! وقال أيضا: اشهدوا، عن ابن مسعود، قال الحاكم: «وروى انشقاق القمر ابن مسعود وابن عمر وأنس وحذيفة وابن عباس، وجبير بن مطعم،
(١) الآية الأولى من سورة القمر، التهذيب ورقة ٧٥/ و.