ومجاهد، وإبراهيم. وهو قول أبي علي وجماعة». وقيل: إنه ماض بمعنى المستقبل أي سينشق عند قرب الساعة، قالوا: ولو انشق لرآه كل أحد ولاشتهر، عن الحسن وعطاء والأصم وأبي القاسم. قال الحاكم:
«وهذا لا يصح لأنه خلاف الظاهر، ولأنه اشتهرت الرواية فيه».
قال:«ومتى قيل: فهلا رآه أهل البلدان؟ قلنا: القمر قد يستره الغيم ويرى في موضع دون موضع، ولأنه كان بالليل وقت نوم وغفلة فلم يشتهر ولم يره كل أحد، ولأنه لم يلبث وقت الانشقاق، بل كانت ساعة؛ لذلك لم يشتهر، على أنه كان مشهورا بينهم لأنه صلى الله عليه كان يقرا عليهم هذه السورة ولا ينكره منكر ولا يكذبه أحد مع كثرة الأعداء وحرصهم على تكذيبه!».
وقال أبو مسلم في قوله تعالى:(انْشَقَّ الْقَمَرُ) أي اتضح الأمر، قال: وهكذا عادة العرب إذا وصفوا الأمر بالظهور قالوا: هو كالشمس، ولأنه تعالى قال:(وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ .. )«١» ولم يقل: رأوا! قال الحاكم: «وهذا لا يصح لأن ما ذكره مجاز فلا يعدل عن الحقيقة، ولا مانع من حمله عليهم».
وبعد، فإن الحاكم قد صرح في كتابه في مواطن لا تحصى برفض التفسير المجازي لعدم وجود ما يمنع من الحمل على الحقيقة.
والسؤال الآن: ما الذي يمنع من الحمل على الحقيقة والظاهر، ويحمل على العدول إلى المجاز؟ وأين يقف الحاكم من المعتزلة وسائر المفسرين، في هذا الباب؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في الفصل التالي.
(١) الآية الثانية من السورة: (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ).