للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اخترنا الحديث عن تأويلاته في هذه الموضوعات الثلاثة: المشيئة، الختم والطبع، الهداية والضلال- التي تتصل بمسألة حرية الإرادة عند الإنسان ونفى القبيح عن الله تعالى- إلى جانب بعض مسائل الوعيد.

ونقدم لذلك أولا ببعض تأويلاته العامة الموجزة في هذا الباب:

قال في قوله تعالى: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) «١»: إن من أعرض عن ذكر الله تعالى يخلي الله تعالى بينه وبين الشيطان، فيصير قرينه عوضا عن ذكر الله. «وإنما جاز التخلية لما علم أنه لا يفلح، وإن لم يكن الشيطان له قرينا. وقيل:

يقرنه في الآخرة ليذهب به إلى النار؛ عن قتادة، كما أن المؤمن يصير قرينه ملك يذهب به إلى الجنة».

وقال في قوله تعالى: (قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ، وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) «٢» إنهم بعد أن أقدموا على إبراهيم عليه السلام منكرين:

(فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ) حملوه إلى بيت أصنامهم وقالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟! فأجابهم على وجه الحجاج: أتعبدون ما تنحتون؟

يعنى كيف ترضون لأنفسكم أن تنحتوا أصناما من خشب ثم تعبدونها وتتركون عبادة خالق الأشياء، والله خلقكم أيها القوم وما تعلمون؟ أي:

ما تعملون فيه وهي الأصنام. قال الحاكم: «ولم يرد أعمالهم لأن المعبود هو الخشب دون عملهم، ولأنه احتج عليهم فلا يجوز أن يورد الحجة لهم!!


(١) الآية ٣٦ سورة الزخرف، ورقة ٣٩/ و.
(٢) الآيتان ٩٥ - ٩٦ سورة الصافات، ورقة ١٦٣/ و.

<<  <   >  >>