للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأنه أضاف إليهم عملا، ويقال: فلان يعمل بابا والمراد يعمل فيه، وعلى هذا (تَلْقَفْ ما صَنَعُوا) وإنما تلقف المصنوع!».

أ) المشيئة: تابع الحاكم شيخه أبا هاشم في حمل الآيات الدالة على أن الله تعالى لو شاء لآمن جميع من في الأرض أو لاهتدوا وذكروا، وتأويليها على أن المراد بها مشيئة الجبر والإلجاء، قال في قوله تعالى:

(وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) «١» إنه تعالى لو شاء لآتاهم الهدى جبرا وإلجاء «إلا أن فيه إبطال التكليف وفساد التدبير، فاختار أن يخيرهم ويخلى بينهم وبين أفعالهم ليدخل المؤمن الجنة، وتمتلئ النار من المستحقين للعذاب».

وقال في قوله تعالى: (فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ، وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) «٢» بأن من شاء ذكره واتعظ به، ولكن لا يتدبرون فيه إلا أن يشاء الله! قال الحاكم: «وهذه المشيئة غير الأولى إذ لو كانتا واحدة لتناقض! فالأولى مشيئة اختيار، والثانية مشيئة إكراه وإجبار، يعني: هؤلاء الكفار لا يجبرون إلا أن

يجبرهم الله تعالى على ذلك. وقيل: لا يذكرون الله ذكرا يستحقون به الثواب، والله تعالى لا يشاء الثواب للكافر إذا لم يشأ الكافر لنفسه، إذ لو شاء لأطاع، فإن الثواب بنفس المشيئة لا يحصل، وإنما يكون بالطاعة، فإذا لم يطيعوا لم يشأ الله ثوابهم».


(١) الآية ١٣ سورة السجدة، ورقة ٩٢/ و.
(٢) الآيتان ٥٥ - ٥٦ سورة المدثر، ورقة ١٢١/ و.

<<  <   >  >>