للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال في قوله تعالى: «أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ) «١» إن معناه أن من لا يبصر الحق بمنزلة الأعمى والأصم، فكما يتعذر إدراك الأعمى وإسماع الأصم، كذلك يتعذر عليك إهداء هؤلاء لأنهم لا يتفكرون ولا ينظرون ولا يسمعون».

ج) الهداية والضلال: أما موضوع الهداية فمن أخطر مسائل العدل، وقد اختلف حوله المفسرون والمتكلمون كثيرا، واشتد تعصب بعضهم لتأويله هذا النوع من الآيات في القرآن على نحو واحد، حتى زعم أبو الحسن الأشعري- مثلا- أن قوله تعالى: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) إنما يقصد به المؤمنين من ثمود وحدهم، وأنه لم يهد ثمود أجمعين «٢»!

والحاكم- رحمه الله- يميز في القرآن بين أنواع عدة من «الهداية» تمهيدا لمذهبه في تأويل طائفة معينة من هذه الآيات.

١) فهناك هداية التقدير والدلالة، وهي عامة، قال تعالى: (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) «٣». أي قدّر الخلق على ما خلقهم من الصور والهيئات، وأجرى لهم من أسباب المعاش، وهدى بذلك إلى معرفة توحيده. وقيل: قدر الآجال والأرزاق وهدى إلى التوحيد بإظهار الآيات.

٢) وهداية التكليف، قال تعالى:


(١) الآية ٤٠ سورة الزخرف، ورقة ٣٩/ ظ.
(٢) راجع الإبانة عن أصول الديانة للأشعري، ص ٥٧.
(٣) الآية ٣ سورة الأعلى، ورقة ١٤٢/ ظ.

<<  <   >  >>