للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) «١» أي بينا له الطريق بنصب الأدلة وإزاحة العلة، حتى يتمكن من معرفة الحق والباطل ويصح الابتلاء. قال الحاكم: «ومتى قيل: ما هذه الهداية؟ قلنا: أدلة العقل والشرع عم بها جميع المكلفين، و «السبيل» هو طريق معرفة الدين، الذي يتوصل به إلى ثواب الأبد، ويلزم كل مكلف سلوكه».

٣) وتأتي الهداية بمعنى الثواب والأخذ بالعبد إلى طريق الجنة، قال تعالى: (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ) «٢» لأن بعد القتل لا تكون الهداية إلا كذلك.

٤) وربما جاءت الهداية بمعنى الجزاء على اهتدائهم بأنفسهم، قال تعالى:

(وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) «٣» والمعنى: أنه يزيدهم تعالى أدلة يشرح بها صدورهم، ويقوّي بصيرتهم، ويثبتهم على الدين.

فاذا كانت الهداية في القرآن تنصرف إلى هذه الوجوه، وكان معناها في اللغة: الدلالة والبيان لا خلق الإيمان في قلب المؤمن كما زعم بعضهم، فالحاكم يجد في ذلك مجالا لتأويل الآيات التي تدل بظاهرها على أن الله تعالى هو الخالق للإيمان في قلب المؤمن، والخالق للضلال في قلب الكافر، أو التي تدل على أنه اختص بهذه الهداية مكلّفا دون آخر، قال في قوله تعالى: (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ، وَمَنْ يَهْدِ


(١) الآية ٣ سورة الإنسان، ورقة ١٢٦/ ظ.
(٢) الآيتان ٤ - ٥ سورة محمد، ورقة ٥٣/ و.
(٣) الآية ١٧ سورة محمد ورقة ٥٣/ ظ.

<<  <   >  >>