للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ) «١»: إن من يجده ضالا فما له من هاد ما لم يهتد بنفسه. وقيل: من يضلل الله عن طريق الجنة والثواب لا يهديه إليها أحد.

وقيل: من يحكم بضلاله ويصفه بأنه ضال لا يصفه أحد بأنه هاد. وكذلك من اهتدى بهدي الله تعالى لا يضله أحد. أو من حكم تعالى بهداه أو الأخذ به إلى طريق الجنة والثواب، لا يضله عن ذلك أحد. قال الحاكم:

«ولا يجوز حمله على أنه يضل عن الدين لأنه يقبح ولا يجوز عليه تعالى، وقد أضاف الله تعالى الضلال إلى الكفار والشياطين، فقال: (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى) وقال: (وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ) وقال:

(وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً) فأضاف الضلال إلى هؤلاء».

والتأويلات التي ذكرها الحاكم في آيات الهدى لا تخرج عن الحمل على:

اللطف والهداية إلى الجنة، والحكم بها على طريق المدح، أو أنهم لما انتفعوا بالهداية صارت الهداية كأنها لهم دون غيرهم، نحو قوله تعالى:

(هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) و (أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ)، كما أنه حمل مسألة الضلال على: التخلية وسوء الاختيار، والمنع من الألطاف، ووصفهم بالضلال على طريق الحكم، أو الأخذ بهم عن طريق الجنة ونيل الثواب. وذكر في الهداية- في قوله تعالى (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) «٢» وجها آخر: هو أن النبي لا يقدر على أن يجبرهم على الهداية، وأن ذلك ليس في وسعه أو مما كلف به. ولا يمكن أن تكون الهداية


(١) من الآيتين ٣٦ - ٣٧ سورة الزمر، ورقة ١٢/ ظ.
(٢) الآية ٥٦ سورة القصص، ورقة ٥٤/ ظ.

<<  <   >  >>