للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد دقق ابن المرتضى رحمه الله النظر في هذا الكلام للحاكم، ثم نقضه ورده على القائلين به من أهل العدل، ولكنه أطلق القول- متجوزا بعض الشيء- بأن الحاكم يقول: بأنّ منع اللطف إنما يكون عقوبة، وناقشه في ذلك! ثم عقب على الموضوع بكلمة عامة حول تأويلات الحاكم لبعض الآيات على مبدأ اللطف، وهو تعقيب حسن نرى أن نختم به هذه الفقرة.

ولكننا نورد قبل ذلك «نقده» لكلام الحاكم السابق، نظرا لصلته الوثيقة بهذا التعقيب.

قال ابن المرتضى: «والخذلان هو منع اللطف ممن لا يلتطف، قال الحاكم: وإنما يمنع عقوبة!! قلت: فيه نظر من وجوه ثلاثة: الأول تسميته خذلانا، والخذلان في اللغة: ترك النصرة مع القدرة، وهذا ليس كذلك، فإن من لا لطف له نصرته باللطف غير مقدورة، فكيف يسمى عدم اللطف في حقه خذلانا ولا مشابهة بينهما؟. الوجه الثاني في قوله:

منع اللطف، والمنع في اللغة إنما هو حبس الموجود المتمكن منه ومن ليس له لطف فكيف يسمى تخلفه منعا. الوجه الثالث، وهو أعظمها: تسميته ذلك عقوبة!! والعقوبة إنما هي إضرار بالمعاقب أو تفويت نفع يمكن وصوله، ومن لا لطف له لم يفته بتخلف اللطف نفع يمكن إيصاله إليه، أو لا لطف له في المقدور».

ثم قال: «واعلم أن الزمخشري والحاكم والإمام المنصور بالله كثيرا ما يطلقون هذه العبارة في تأويل كثير من الآيات، كقوله تعالى:

(فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) قالوا: أي سلبهم اللطف عقوبة لهم! وكقوله تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) قالوا:

<<  <   >  >>