أي يسلبه الألطاف حتى يشق عليه الإيمان ولا ينشرح به صدره. وكقوله تعالى:(رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي) أي سلبتني من اللطف حتى لا أهتدي إلى مصلحتي .. ونظائر ذلك كثيرة.
«ونحن نقول: إن أرادوا سلب لطف من لا لطف له فهو ضعيف من هذه الوجوه. وإن أرادوا سلب لطف من له لطف لأجل معصية فعلها وكونه من جملة العقوبة، فهذا يخالف قاعدتهم، لأن ذلك يستلزم جواز تخلف الألطاف كلها عن المكلفين من البشر إذ لم يخل أحد منهم من معصية حتى الأنبياء، ولو جوزنا ذلك للحق فعل اللطف بغير الواجبات»
وذكر بعد ذلك ما يؤكد أنه كان يعقب على نصنا السابق من كلام الحاكم. فقال:«وقد حكى الحاكم عن الشيخين أبي علي وأبي هاشم أنهما لا يسميان تخلف اللطف خذلانا لأجل ما ذكرناه آنفا!! ولم يعترض حجتهما!».
ثم ختم هذا التعقيب بالتماس وجه مقبول من وجوه التأويل لأصحابه هؤلاء فيما ذهبوا إليه، فقال:«لكن يمكن التأويل لهؤلاء، فإنهم أكابرنا ويقال: لعلهم بنوا ذلك على أن ظواهر بعض الآي يقتضي ذلك كما حكينا، فلا بد من تقرير ما اقتضته بأن نقول: إنه يجوز أن يكون لبعض المكلفين لطف، لكن ثبوت لطفه مشروط باجتناب معصية مخصوصة، فان اجتنبها فله لطف وإن ارتكبها بطل كون ذلك لطفا له داعيا، فحينئذ لا يجب فعله له، وجرى ذلك مجرى العقوبة لمّا كان سببه مواقعة المعصية، وكان خذلانا لأنه كان ممكنا غير متعذر وامتنع القادر عليه حينئذ من أن يفعله أولا»«١».