للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفسر قوله «مليم» بأن يونس كان يلوم نفسه على خروجه من بين قومه من غير أمر ربه. وقال مجاهد وابن زيد: إن معناه مذنب، وقيل: مستحق للوم. قال الحاكم: ومن قال إنه كان مذنبا يقول إنه كان صغيرة.

ب) وقد جوز الحاكم على الأنبياء وقوع الصغائر منهم، خلاف قول الإمامية- في الرسول والإمام- وكما دلت على ذلك بعض الآيات، قال تعالى: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) «١» وقد قال الحاكم في هذا الذنب: إنه صغيرة تقدمت من موسى عليه السلام، وانما يكلف الأنبياء التوبة من الصغائر- وكلما ذكروها أيضا حتى يخرجوا من حد الإصرار- لعظم نعمه تعالى عليهم.

وقيل: إن ذنبه كان أنه حدث نفسه أن الظفر كان بقوته. وقيل: استعجال النصر قبل وقته.

وقال تعالى في سورة محمد: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ) «٢» قال الحاكم: يدل قوله (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) على وقوع ذنب منه، ويدل على جواز وقوع الصغائر على الأنبياء خلاف قول الإمامية.

وقد فصل الحاكم القول في مذهبه في جواز الصغائر على الأنبياء عند كلامه على قوله تعالى: (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ... ) في مطلع سورة الفتح، فقال إن قوله (ليغفر)


(١) الآية ٥٥ سورة غافر، ورقة ٢٢.
(٢) الآية ١٩، ورقة ٥٤/ و.

<<  <   >  >>