للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يدل على جواز الصغائر على الأنبياء قبل النبوة وبعدها. ويدل على أنها مغفورة.

قال: «ومتى قيل: كيف تكون مغفورة؟ قلنا: بإيجاب ما يجبر نقصا دخل في ثوابه بتلك الصغيرة.

«ومتى قيل: كيف يجوز ذلك عليهم؟ قلنا: ما يتعلق بالرسالة ومصالح الأمة لا يجوز عليه فيه الصغيرة والكبيرة، ولا السهو ولا الغلط ولا النسيان، لأن في ذلك فوت المصالح. فأما ما يتعلق بحاله فلا يجوز الكبيرة أصلا، والصغير: ما كان مسخفا ومنفرا لا يجوز عليه، وما عدا ذلك لا مانع منه فيجوز» «١».

ج) أما المنفّر والمستكره- ولو لم يكن من باب المعصية أصلا- فلم يجوزه الحاكم على الأنبياء على أي وجه، قال في قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً) «٢» إن معناه أنهم آذوه من حيث نسبوه إلى السحر والجنون والكذب بعد ما رأوا الآيات، كعادة الكفار مع الأنبياء. ثم قال: «وأما ما ترويه الحشوية أنهم رموه بأنه آدر- آفة في عورته- فوضع ثوبه على حجر ليغتسل فبعد الحجر حتى رآه بنو اسرائيل! فليس بصحيح؛ لأن فيه هتك الستر وكشف العورة وما يؤدي إلى التنفير» «٣».


(١) التهذيب، ورقة ٥٦/ ظ.
(٢) الآية ٦٩ سورة الأحزاب، ورقة ١١٧/ ظ.
(٣) الحديث الذي يشير إليه الحاكم في البخاري، وفي تفسيره تأويلات كثيرة ذكرها ابن حجر رحمه الله. ولموقف المعتزلة من حديث الآحاد مناقشة طويلة في دراستنا عن منهج المعتزلة في تفسير القرآن،
التي أشرنا إليها فيما تقدم.

<<  <   >  >>