للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«ومن جوز أن يقدر غير الله تعالى على الأجسام والصور والحياة والموت يكفر!».

وقد بين في موضع آخر سبب هذا الحكم في تعقيبه على آيات تسخير الجن لسليمان في سورة سبأ «١»، فقال: «ومتى قيل: من يزعم أن الجن تعلم الغيب أو تقدر على تلك الأعمال العظيمة أو تغير الصور هل يكفر؟ قلنا: نعم؛ لأنه يسد على نفسه طريق معرفة النبوات».

وفيما وراء ذلك: فالجن عنده أمة مكلفة لا تكاد تختلف عن الإنس، حتى إنه جعلهم قائلين بالعدل والتوحيد، ويرون الثواب والعقاب جزاء الأعمال لأنهم نفوا عن الله تعالى الظلم وقالوا: (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً) «٢» على خلاف ما تقوله المجبرة من هذه الأمة!!، ولكنه لم يبحث السبب في عدم ظهورهم وأنهم لا يرون، كما أنه اكتفى من الحديث عن «طبيعتهم» بالقول إنهم خلقوا من نار، وإن كان لاحظ أنهم «ركّبوا تركيبا تضرهم النار، ولذلك خافوا الشهب»

ومسألة استراقهم السمع الذي أشارت اليه الآية الكريمة: (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) «٣» أهم نقطة في هذا الباب يبدو فيها أثر منهج الحاكم الكلامي وأسلوبه الجدلي في التفسير: قال في تفسير قوله تعالى:


(١) الآية ١٢ فما بعدها، ورقة ١٢٣/ و.
(٢) الآية ١٣ سورة الجن، ورقة ١١٧.
(٣) الآية ٩ سورة الجن.

<<  <   >  >>