للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في هذه الفقرة، وبالرغم من أنه لم يبحث في بعض الكيفيات السابقة إلا أنه يذهب فيما يبدو إلى أن الأصل في إنزال القرآن أنه كان بالوحي عن طريق جبريل عليه السلام، بغض النظر عن الكيفية التي كان يأتي عليها، وإن كان المعلوم من رأي الحاكم- في تفسيره لسورة النجم- أن النبي لم ير جبريل على صورته الحقيقة إلا مرتين يوم عرج إلى السماء، ويبدو لنا رأي الحاكم في نزول القرآن على الرسول وفي موضوع الوحي عموما من خلال تفسيره للآيات التالية:

أ- قال الله تعالى: (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ) «١» قال الحاكم:

والوحي في اللغة إعلام في إخفاء، وكل أمر سريع فهو وحي، ومنه:

الوحى الوحى، وتسمى الرسالة والكتاب والإشارة وحيا. وأوحى ووحى لغتان، والإلهام يسمى وحيا.

ثم قال في الآية إنها تدل على أن كلام الله تعالى لعباده على ثلاثة أوجه: «الأول: الوحي، وإن كان جميعا وحيا. وقيل: أراد بالوحي الإلهام. وقيل هو القاء الخواطر وإقامة الأدلة وشرع الاستدلال، كما فعل إبراهيم في قوله: (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)، عن أبي مسلم. وقيل الإلهام من جنس الاعتقادات لا من جنس الكلام فلا يكون الإلهام وحيا! وقيل: الخواطر وما يراه في المنام، عن أبي علي.

والثاني: من وراء حجاب، قيل: يكلمه بكلام يسمعه ولا يرى المتكلم


(١) الآية ٥١ سورة الشورى، التهذيب ورقة ٣٦/ و.

<<  <   >  >>