بمنزلة ما يسمع من وراء الحجاب؛ لأنه تعالى لا يجوز عليه الحجاب، ولا يكون كلامه كلام من يرى ويدرك، عن أبي مسلم، وقيل: يحجب ذلك عن جميع خلقه إلا ممن يريد أن يكلمه به، نحو كلامه لموسى عليه السلام في المرة الأولى، بخلاف كلامه في المرة الثانية لأنه سمع ذلك معه السبعون، عن أبي علي، وقيل يحصل الكلام من وراء حجاب، أي مكانه الذي خلق فيه، فالحجاب راجع إلى مكان الكلام، ولا يقال إن المتكلم من وراء حجاب؛ لما بينا أن الحجاب لا يجوز عليه لأنه من صفات الأجسام، وما يسمعه الملك من هذا القبيل لأنه يسمع الكلام من غير رؤية محله والمتكلم به، ويعلم انه كلامه بمعجزة أو ما يجري مجرى المعجزة، والحجاب ثلاثة أوجه: حجاب عن إدراك الكلام إلا
المكلّم به. والثاني حجاب بمحل الكلام. والثالث بمنزلة ما يسمع من وراء حجاب.
الثالث: أو يرسل رسولا من الملك فيأتي به إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فيسمعه منه فيؤديه إلى الخلق (بإذنه) قيل بعلمه. وقيل بأمره، وهو الوجه».
هذه الطرق الثلاث التي ذكرتها الآية لم ينص الحاكم في أولها- وهو الوحي- على تفسير بعينه، وإن كان قوله في الإلهام إنه يسمى وحيا، إلى جانب ميله المعهود إلى رأي أبي علي الذي ختم به هنا ما قدمه من آراء؛ يرجح ميله إليه، وذهابه إلى أن المراد بالوحي في الآية الخواطر وما يراه في المنام. أما الطريق الثاني فالمراد به عنده أن الرسول يسمع كلام الله تعالى من غير واسطة، والذي يود الحاكم تأكيده هنا إنما هو عدم جواز الحجاب على الله تعالى. أما الطريق الثالث فقد «نص» فيه على أن الرسول- جبريل- يأتي بالكلام إلى النبي- على أي صفة- «فيسمعه